عاقبت محكمة جنايات الجيزة أمس وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي بالسجن 12 عاماً ومصادرة أمواله وتغريمه نحو 24 مليون جنيه، بعد إدانته بالفساد وتبييض الأموال، في أول حكم قضائي ضد مسؤول في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وتزامن الحكم مع ذهاب فريق من محققي جهاز الكسب غير المشروع إلى سجن مزرعة طرة للتحقيق مع نجلي الرئيس المخلوع جمال وعلاء في شأن «تضخم ثرواتهما بشكل لا يتناسب مع دخلهما». وعاقبت المحكمة العادلي بالسجن المشدد 7 سنوات وعزله وتغريمه 4 ملايين و853 ألف جنيه، مع إلزامه برد مبلغ مساوٍ له وذلك في إطار تهمة التربح، كما قررت سجنه 5 سنوات أخرى بتهمة تبييض الأموال وتغريمه 9 ملايين و26 ألف جنيه، على أن تتم مصادرة المبلغ المضبوط البالغ 4 ملايين و513 ألف جنيه. ورفضت المحكمة الدعاوى المدنية التي كان أقامها محامون بغية الحصول على تعويضات مالية من العادلي، وألزمتهم بسداد رسومها ومصاريفها. وكان العادلي اقتيد إلى قفص الاتهام قبل دخول رئيس المحكمة المستشار المحمدي قنصوة ببضع دقائق، منعاً لأي احتكاكات مع الموجودين في قاعة المحكمة وخشية وقوع مشادات لفظية مع أي من جمهور القاعة التي اكتظت بالصحافيين ومندوبي وسائل الإعلام وقوات الأمن المشتركة من الجيش والشرطة. واستقبل العادلي الحكم بهدوء شديد ولم يعقب عليه، فيما أسرعت قوات الأمن بإخراجه من قفص الاتهام ونقله في سيارة ترحيلات تابعة لقطاع مصلحة السجون في وزارة الداخلية، إلى محبسه في سجن مزرعة طرة، حيث سيرتدي ملابس السجن الزرقاء المخصصة للمدانين بعقوبات جنائية، بدل ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء التي كان يرتديها طوال فترة محاكمته. وللعادلي فرصة للطعن على الحكم أمام محكمة النقض (أعلى سلطة قضائية) التي إما ستؤيد الحكم ليصبح نهائياً وباتاً غير قابل للطعن عليه مجدداً بأي صورة من صور التقاضي، أو ستقضي بإلغاء حكم الجنايات وإعادة إجراءات محاكمته من جديد أمام دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات الجيزة لتصدر حكماً جديداً سواء بالإدانة أو البراءة. وكانت المحكمة باشرت محاكمة العادلي على مدى أربع جلسات استغنى فيها دفاعه عن سماع أقوال شهود الإثبات، وهم مجموعة من الخبراء في مجالات مكافحة تبييض الأموال ومحررو المحضر الخاص بالقضية، فيما طالبت النيابة العامة في مرافعتها بالقضية بتوقيع أقصى العقوبات المنصوص عليها قانوناً بحق العادلي بعدما عرضت وقائع الاتهام المسند إليه، واصفة القضية بأن كل ورقة فيها «هي حالة من حالات الفساد». يُذكر أن العادلي يُحاكم مع 6 من كبار القيادات الأمنية في وزارته أمام محكمة جنايات القاهرة بتهم «إصدار أوامر بقتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير، بما يشكل جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وإحداث حال من الإنفلات الأمني بصورة متعمدة، الأمر الذي كان من شأنه إشاعة الفوضى وبث الذعر بين المواطنين». وستنظر المحكمة ثاني جلسات القضية في 21 أيار (مايو) الجاري، كما سيمثل العادلي كمتهم في اليوم نفسه بصحبة رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف ووزير المال السابق الفار يوسف بطرس غالي أمام محكمة الجنايات في قضية تتعلق بإهدار أموال الدولة، من خلال إسناد صفقة لبيع اللوحات المعدنية لمركبات السيارات إلى شركة ألمانية بالأمر المباشر ومن دون إجراء مناقصة، «ما مثل مخالفة جسيمة للقانون، وكبّد الدولة مبالغ زائدة قدرتها اللجان الفنية المختصة بأكثر من 92 مليون جنيه». في موازاة ذلك، بدأ جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل أمس أولى جلسات التحقيق مع نجلي الرئيس المخلوع علاء وجمال مبارك، في اتهامات ب «تكوين ثروات ضخمة على نحو غير مشروع، مستغلين في ذلك الصفة الوظيفية الرئاسية لوالدهما». وقال مصدر قضائي رفيع إنه لم يتم استدعاء جمال وعلاء إلى مقر جهاز الكسب غير المشروع، «خشية حدوث أعمال تجمهر واحتشاد المواطنين الغاضبين أمام الوزارة، ما يمثل خطراً على حياتهما وسلامة التحقيقات». وأوضح المصدر أن «فريقاً من محققي الجهاز توجه إلى سجن طرة حيث يقضي علاء وجمال فترة حبس احتياطي بأمر من النيابة العامة على ذمة اتهامهما بارتكاب وقائع فساد متعددة، وبدأ التحقيق معهما بعد الظهر واستغرق ساعات قبل أن يصدر قرار من المتوقع أن يكون الحبس 15 يوماً على ذمة التحقيقات». وواجه فريق المحققين برئاسة رئيس هيئة الفحص والتحقيق في جهاز الكسب غير المشروع المستشار خالد سليم، المتهمين بما كشفت عنه تحريات الجهات الرقابية من مشاركتهما في العديد من الشركات وامتلاكهما للعديد من القصور الفارهة والعقارات الفاخرة من فيلات وشقق سكنية علاوة على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والفضاء، وامتلاكهما لأسهم وسندات وأرصدة مالية ضخمة في بنوك داخل مصر وخارجها بعملات محلية وأجنبية. في غضون ذلك، يبدأ رئيس الحكومة الانتقالية عصام شرف جولة خارجية الأحد بزيارة سريعة إلى البحرين تستمر ساعات تعقبها زيارة للإمارات، على أن يصل صباح الاثنين إلى سلطنة عمان. وعلم أن شرف سيعود بعدها إلى القاهرة لساعات قبل أن يتوجه إلى دول حوض النيل ليبدأ الثلثاء بالكونغو ثم أوغندا، وينتهي جولته في العاصمة الأثيوبية، حيث يبحث هناك في تطورات ملف مياه النيل ومساهمة مصر في بناء سد الألفية. وفي سياق منفصل، التقى رئيس أركان الجيش المصري الفريق سامي عنان في القاهرة أمس مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمن الدولي الكسندر فيرشبو والوفد المرافق له الذي يزور القاهرة. وتناول اللقاء «دعم التعاون والعلاقات الثنائية بين البلدين، والمستجدات والمتغيرات المتلاحقة على الساحتين المحلية والإقليمية، ودعم التحول الديموقراطي في مصر في ظل المرحلة الانتقالية التي يقودها المجلس العسكري». من جهة أخرى، أكد مرشح الرئاسة المحتمل حمدين صباحي أن «الرئيس المقبل لن يكون كنزاً للإسرائيليين بل للمصريين»، متعهداً أنه في حال فوزه في الانتخابات المقرر لها أواخر العام سيفتح المعابر وينهي الجدار العازل بين مصر وغزة وسيدعم «المقاومة المشروعة في فلسطين ولبنان»، كما تعهد «قطع إمدادات الغاز عن إسرائيل». وقال صباحي خلال مؤتمر جماهيري في الغردقة أمس إنه في حال فوزه بالرئاسة لن يلغي معاهدة «كامب ديفيد» ولن يخوض حرباً ضد إسرائيل، «بل ضد التخلف والفقر». ووعد بأن «تنتقل مصر خلال 8 سنوات من دولة متخلفة إلى دولة متحضرة متقدمة، وسيرتفع نصيب الفرد من الدخل القومي، لتصبح مصر مثل النمور الآسيوية والبرازيل». وأشار إلى أن برنامجه الانتخابي «يتضمن ضرورة الفصل بين السلطات، والحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، وحرية الإعلام، والمساواة التامة بين جميع المصريين». وطالب بأن تكون هناك «علاقات مميزة مع تركيا وإيران لأنهما مع مصر ثالوث قلب العالم الإسلامي». وطالب بمساندة ترشيح الدكتور مصطفي الفقى للجامعة العربية «بكل قوة»، واصفاً إياه بأنه «الأفضل». وطالب جميع مرشحي الدول العربية الأخرى بالانسحاب لمصلحته.