وضع القضاء الجزائري قيادياً كبيراً في جماعة مسلحة، سلّم نفسه قبل أسابيع للجيش، قيد المراقبة القضائية في ظل «مواصلة التحقيق»، وأفاد «أبو حفص» الأجهزةَ الأمنية بمعطيات عن حل تنظيم «جند الشهداء» منذ أن سلم قائده الأول «أبو زيد» نفسه للجيش قبل سنتين في محافظة جيجل شرق البلاد. وأمرت الجهات القضائية المختصة في ولاية جيجل بوضع «أبو حفص» تحت الرقابة القضائية على مستوى الجزائر العاصمة، مقر أقامته. ويواصل محققون الاستماع لاعترافات الإرهابي السابق في انتظار فصل قاضي التحقيق في مسألة إحالته على المحاكمة أو الاستفادة من إجراءات التخفيف. وكان «أبو حفص» واسمه الحقيقي «مولود ش» وفق وزارة الدفاع، سلّم نفسه إلى السلطات منذ أسابيع فقط. ويشير التحقيق القضائي مع «أبو حفص» إلى المسار القانوني الذي تتبعه السلطات في معالجة ملف من تعرّفهم ب «التائبين»، بينما بات واضحاً أن الملفات تُحال على التحقيق القضائي الذي يحدد مجال استفادة المسلحين السابقين من إجراءات تخفيف ضمن ميثاق المصالحة الوطنية. وقضى «أبو حفص» 25 سنة كإرهابي ضمن صفوف كتيبة «قروش» المنضوية تحت لواء «جند الشهداء»، ويُنتظر أن يُحاكم علناً في الدورة الجنائية المقبلة. ونُقل عنه كشفه عن حل «جند الشهداء» في جبال منصورية في جيجل (350 كيلومتراً شرق العاصمة) منذ سنتين، تاريخ تسليم «أميرها المؤسس» «أبو زيد» نفسه للسلطات. وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان أن «الإرهابي الخطير» الملاحَق، والمسمى «ش. مولود» المكنى «أبو حفص» سلّم نفسه إلى السلطات العسكرية بجيجل وكان بحوزته سلاح كلاشنيكوف و3 مخازن ذخيرة. كما أشار البيان ذاته إلى أن الإرهابي كان التحق بالجماعات الإرهابية في العام 1995. وصنّفت «جند الشهداء» قبل حلها أكبرَ مجموعة إرهابية من حيث عدد العناصر عبر الشريط الجبلي الممتد بين أعالي «زيامة منصورية» وأعالي منطقة «العوانة»، وهو إقليم جبلي يربط محافظتي بجاية وجيجل. وكان المحامي المهتم بمتابعة ملفات أمنية في القضاء مروان عزي، أوضح ل «الحياة» أن وزارة الدفاع الجزائرية، تستمر بمنح إرهابيين «تائبين» عن العمل المسلح، إجراءات «مصالحة» تبعاً لنداءات توجهها لمسلحين تطالبهم بالاستسلام. ووجهت وزارة الدفاع أكثر من نداء رسمي لمسلحين تحضهم على تسليم أنفسهم «للاستفادة من التدابير السارية المفعول قبل فوات الأوان». ودرجت الوزارة على إعلان استسلام قادة بارزين أو عائلاتهم من دون توضيح طبيعة الإجراءات القانونية التي يستفيدون منها. وذكر عزي، الذي رأس سابقاً خلية لمتابعة ميثاق المصالحة، أن السلطات تتعامل بمرونة قانونية مع هؤلاء. وأضاف ل «الحياة» أن «البديهي هو أن يستفيد هؤلاء من المواد 2 و 3 و 4 و 5 من ميثاق المصالحة إلا في حال ثبتت عليهم تهم مستثناة فيُحالون على قانون الإجراءات الجزائية».