كحال الأستوديوات الهوليوودية والقنوات التلفزيونية العملاقة التي تحجز أفضل أفلامها وبرامجها لعطلات رأس السنة على أمل الحصول على أعلى الإيرادات ونسب المشاهدة، وقتت شركة «نتفليكس» الأميركية لتجهيز الترفيه عبر الإنترنيت إطلاق الجزء الثاني المُرتقب من مسلسلها «التاج» قبل أسبوعين من موعد العطلات الأكثر شعبية في العالم الغربي. سبق توفير المسلسل على خدمة الشركة اهتماماً إعلامياً غير مسبوق من قبل العديد من المحطات الإعلامية التقليدية، حتى أن «نتفليكس» نفسها لم تكن في حاجة لعمل دعايات إضافية لمسلسلها هذا الذي صرفت على موسمه الأول نحو مئة مليون دولار. تواصل «نتفليكس» الهيمنة على أهم عناوين المشهد التلفزيوني في العالم الغربي، فأعمالها الحصرية تنال الاهتمام الإعلامي والشعبي الأكبر، وتحولت بعض مسلسلاتها إلى أيقونات لعصرنا الحالي. على صعيد الأرقام، وصل عدد المشتركين في «نتفليكس» في الربع الثالث من عام 2017 إلى 109 ملايين مشترك، بزيادة 5.3 مليون مشترك عن الإحصاء السابق. في حين بلغت إيرادات الشركة في الربع ذاته نحو 2.98 بليون دولار. فيما تصل نسبة المشتركين في الخدمة من خارج الولاياتالمتحدة إلى 52 في المئة من عدد المشتركين الكليّ. ويتوزع مشتركو الخدمة اليوم على 200 دولة. وعلى رغم أن «نتفليكس» تبدو مهيمنة على سوق الترفيه عبر الإنترنيت، فإن عام 2017 شهد تطورات تنبئ أن الشركة الأميركية لن تكون وحدها في سوق الترفيه على الإنترنيت، إذ وصلت في عام 2017 خدمات شركة «أمازون» الأميركية المنافسة إلى العديد من الدول الأوروبية والأميركية الجنوبية. كما أن العام الماضي شهد أول الأعمال الحصرية لشركة «آبل»، وهي الأعمال التي طال انتظارها، بخاصة أن «آبل» تخطط منذ سنوات لدخول عالم تجهيز الترفيه. لم يحقق برنامجا شركة «آبل»، الضجة التي كانت تأمل بها الشركة التكنولوجية العملاقة، لكن وفق تسريبات عن الشركة، فإن الأخيرة تستعد لطرح مجموعة جديدة من البرامج الخاصة في الأعوام المقبلة. ومن المتوقع أن ينضم إلى سباق إنتاج المحتوى الترفيهي الأصلي موقع «يوتيوب» المملوك ل «غوغل»، الذي أعلن في الأشهر السابقة أنه أكمل خططاً كاملة لإنتاج مسلسلات تلفزيونية يكلف إنتاجها مئات الملايين من الدولارات، وتعرض ضمن خدمة جديدة للموقع تشترط اشتراكات شهرية. كما يحضّر موقع «فايسبوك» هو الآخر لمسلسلات جديدة تتوجه إلى فئات عمرية بين 17 و35 سنة، ويصرف على كل حلقة من هذه المسلسلات ما معدله ثلاثة ملايين دولار، وهو مبلغ كبير في قياسات الإنتاج التلفزيوني اليوم. على صعيد الجوائز، واصلت شركات الإنترنيت خطف الجوائز من القنوات التلفزيونية التقليدية، إذ حصلت شركة «نتفليكس» على عشرين جائزة «إيمي» في دورتها الأخيرة، في حين كان نصيب شركات إنترنيت أخرى أقل من ذلك، لكنها تجاوزت بكثير ما تحصل عليه قنوات أميركية عريقة. لم توصد الجوائز التلفزيونية الأبواب أمام الأعمال المنتجة من طريق شركات الإنترنيت، وكما فعلت المهرجانات السينمائية مع الأفلام التي أنتجتها شركات الإنترنيت في عام 2017، وهذا بدوره دفع إلى مزيد من التنافس بين الجهات المنتجة للدراما، لتواصل هذه الأخيرة وصولها إلى مستويات غير مسبوقة من الجودة والتجريب. أزمة التلفزيون التقليدي لعل أحد أكثر التصريحات الصحافية تشاؤماً عن مستقبل التلفزيون كما نعرفه، كان للإعلامي الهولندي جون دي مول والذي تحدث للمرة الأولى عن نهاية عصر التلفزيون التقليدي، والذي سيحل محله- ووفق مبتكر برامج «الأخ الأكبر» و «ذي فويس»- خدمات تجهيز المواد الترفيهية عبر الإنترنيت. أزمات المحطات التلفزيونية التجارية في هولندا مثلاً، يلخصها قرارها الأخير بزيادة سعر الإعلان التجاري على شاشتها، في خطوة تحاول أن تعوض الإعلانات التي يفقدها التلفزيون للإنترنيت، بفرض تسعيرة جديدة على الذين مازالوا يؤمنون بأهمية التلفزيون، ويختارون أن يضعوا إعلاناتهم عليه. لا يتوقع أن يحمل عام 2017 مفاجآت كبيرة على صعيد الأرقام النهائية لسوق الإعلانات وتوزيعها بين التلفزيون والإنترنيت، تختلف عن تلك لعام 2016، والذي شهد حينها في الولاياتالمتحدة حدثاً يُعَّد مفصلياً، إذ تجاوزت في ذلك العام وللمرة الأولى الأموال المصروفة على الإعلانات على الإنترنيت (72.5 بليون دولار) تلك التي حصلت عليها القنوات التلفزيونية (71.3 بليون دولار). كما من غير المتوقع أن يزاح «غوغل» و «فايسبوك» عن موقعيهما كأكبر جاذبي الإعلانات في العالم الرقمي حول العالم، حيث حصل موقع «غوغل» على 89.6 بليون دولار من سوق الإعلان الرقميّ في العالم، وحلَّ موقع فايسبوك بالمرتبة الثانية بمبلغ 27.6 بليون دولار.