منذ زمن بعيد ونحن نسمع، مجرد سماع، عن اندية سعودية تقدم رشاوى لبعض الحراس او المدافعين لتسهيل التسجيل في مرمى فرقهم. وقد اعتدنا على اتهامات الرشوة التي توزع جزافاً من دون دليل من المهزومين على الفائزين في المباريات والمنافسات من دون براهين ولا شهود. واصبحت هذة المسألة عادة لا يلتفت إليها تصدر من المتأثرين بالهزيمة سرعان ما يتم طيها ونسيانها. فأي تهمة بلا دليل لا تتعدى كونها حديث مجلس وتسلية وقتية. ونحن كمجتمع نرفض مبدأ الرشاوى بحكم ديننا الاسلامي الحنيف الذي يمنع مثل هذة الممارسات اذ قال صلى الله علية وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش». ولكن النفس البشرية - على رغم وجود أحكام ربانية واضحة وصريحة - تظل أمّارة بالسوء فتقبل الرشوة بحجة أنها هدية او مقابل جهد وتعب او تحت اي مسمى آخر. واذا دخلت الرشاوى والراشون والمرتشون الى اي قطاع او اي عمل او اي دولة فهي بداية النهاية وبداية طريق الانحدار والسقوط المريع. وقد تابع الوسط الرياضي أخيراً بكل دهشة وأسى قضية الرشوة التي تفجرت بسبب حارس مرمى فريق نجران جابر العامري واللاعب السابق تركي الثقفي الذي اتصل هاتفياً بالعامري وقال له ان احد أعضاء شرف نادي الوحدة الأثرياء والمؤثرين على استعداد بأن يدفع 60 الف ريال ويسهل انتقالهما للوحدة الموسم المقبل نظير تسهيل فوز الوحدة على نجران، وبالفعل فاز نادي الوحدة على نجران بخمسة أهداف وكان أداء العامري كارثياً في المباراة. وبعد المباراة اتصل الثقفي مرة اخرى بالعامري وشكره قائلاً: «يديك العافية» ومن ثم قام بتحويل 20 الف ريالا فقط وعندما تساءل العامري عن اختلاف المبلغ عن الاتفاق رد الثقفي بأن عضو الشرف الوحداوي أعطاهم 50 ألفاً فقط ليتم تقسيمها على الثقفي والعامري ووسيط ثالث حوّل المبلغ بالفعل الى حساب العامري واسمه مهند. رئيس نادي نجران مصلح آل مسلم أكد انه على علم بالقضية قبل المباراة وان الذي قال له هو الحارس جابر العامري نفسه وتم الاتفاق معه على تسجيل المكالمة مع تركي الثقفي الذي يطالب آل مسلم بمعاقبته فهو محور القضية غير الاخلاقية وهو الوحيد العارف بكل جوانبها والذي عن طريقه ممكن معرفة بقية خيوط وأركان القضية الخطرة. في المقابل رد رئيس نادي الوحدة جمال تونسي ببيان صحافي ذكر فيه ان نادي الوحدة يربأ بنفسه عن مثل هذة الممارسات المرفوضة والمستهجنة ونفى علاقة ناديه الذي يصارع على الهبوط بقضية الثقفي والعامري. من جانبه، صرح رئيس اعضاء الشرف بنادي الوحدة اجواد الفاسي انه لا مانع بأن تأخذ القضية مجراها وفي حال اثبتت التحقيقات علاقة نادي الوحدة بالرشوة على المسؤولين اصدار الامر بتهبيط النادي المكي الى الدرجة الاولى أسوة بنادي يوفنتوس الايطالي. القضية الجديدة على وسطنا الرياضي تفاعلت بشكل غير مسبوق ودخلت اطراف عدة في القضية، المحامي سامي ابو راشد شكك في قانونية التسجيل الصوتي الذي امر به رئيس نجران واستهجن تصريحاته التي حملت اتهامات لأطراف عدة قبل انتهاء التحقيقات، واستبعد ان تتم إدانة ادارة الوحدة حتى لو ثبت تورط احد اعضاء شرف النادي في القضية. وبدوره نفى اللاعب تركي الثقفي دوره في القضية، مشيراً الى ان نادي نجران يرغب في إقحامه في القضية للتهرب من دفع مستحقاته البالغة 100 الف ريال. وبعيدا عن دفاع اطراف القضية عن انفسهم واتهام الآخرين، ودخول اطراف اخرى تحلل وتدافع وتتهم، تبقى قضية تقديم مبلغ مالي لحارس مرمى فريق سعودي في الدوري الذي نتغنى بأنه افضل دوري عربي لتسهيل هزيمة فريقه سابقة خطرة لا يجب ان تمر بسهولة، وعلى المسؤولين القانونيين في الرئاسة العامة فتح تحقيقات دقيقة في القضية، فهي بداية طريق يجب ألا تسير فيه الرياضة السعودية ابداً. فالرشوة فساد، والفساد بداية رحلة السقوط. [email protected]