أعلن البيت الأبيض الاثنين أنه لم يحسم أمر نشر صور لجثة زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن الذي أعلن الرئيس الأميركي مقتله في عملية نفذتها قوات أميركية خاصة الأحد الماضي على منزل مكث فيه في مدينة أبوت آباد شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد. وقال جون برينان، مستشار الرئيس أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب، رداً على مطالبة نواب في الكونغرس بتقديم دليل للرأي العام العالمي على مقتل زعيم «القاعدة»، «سنوفر كل المعطيات لمنع نفي أننا قتلنا بن لادن، وبث المعلومات بينها الصور وأشرطة الفيديو، قرار يجب اتخاذه من دون أن يحسم حتى الآن». واعتبر السناتور كارل ليفن، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ، أن الصور ستُنشر في نهاية المطاف، «لكن الإجراء يجب أن يتأخر حتى تهدأ ردود الفعل»، في إشارة الى إمكان حصول أعمال انتقامية ضد الأميركيين. أما السناتور المستقل جو ليبرمان، رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ، فقال إن «نشر الصور قد يكون ضرورياً، مهما كانت مخيفة، من أجل إبعاد أي مزاعم بأن الإدارة الأميركية تحاول خداع الرأي العام». وفي معلومات جديدة عن إجراءات دفن بن لادن، أعلن الجيش الأميركي أنها استغرقت نحو ساعة على متن حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسن» في شمال بحر العرب، وشهدت غسل الجثة و «الالتزام الصارم» بأحكام الشريعة الإسلامية والعادات عبر وضعها في كفن أبيض وتلاوة أدعية دينية باللغتين العربية والإنكليزية، ثم إنزالها الى البحر باستخدام لوح مسطح». واعتبرت واشنطن أول من أمس، أن دفن بن لادن في البحر شكل الخيار الأمثل، باعتبار أن «الشريعة الإسلامية تقضي بدفن المتوفى بسرعة، فيما سيستغرق نقل الجثمان لأي دولة وقتاً أطول». وانتقد شيخ الأزهر، أحمد الطيب، الإجراء معتبراً أنه إهانة للقيم الدينية والإسلامية، خصوصاً أن المسلمين يعلقون أهمية كبيرة على دفن الميت في قبر دائم في الأرض، ولا يقبلون الدفن في البحر إلا في حال عدم إمكان حفظ سلامة الجثة على متن سفينة حتى وصولها إلى البر. وفيما يمكن أن يزيد ذلك احتمالات شن عمليات ثأر، تساءل البعض في الولاياتالمتحدة عن إحاطة الرجل المسؤول عن اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 حين مقتل حوالى 3 آلاف شخص بإجلال خلال ترتيبات الدفن. وقال الدكتور زهدي جاسر الذي يرأس المنتدى الإسلامي - الأميركي من أجل الديموقراطية: «كنت طبيباً في البحرية، وإذا طلب مني قائدي تلاوة آيات قرآنية على جثة بن لادن كنت سأصاب بدوار بحر وأمرض، ولن أفعل ذلك». الى ذلك، كشفت مصادر في واشنطن، أن مساعدي أوباما انقسموا في اجتماع عقدوه الخميس الماضي في شأن تأييد الهجوم على المنزل الذي اختبأ فيه بن لادن في أبوت آباد، في ظل عدم تأكيد وجود بن لادن فيه والاشتباه فقط بأن عائلة تشبه عائلة زعيم القاعدة تتواجد فيه، علماً أن مسؤولين أميركيين أشاروا الى وجود 9 نساء و23 طفلاً مع بن لادن خلال تنفيذ العملية. لكن الرئيس أوباما حسم الأمر في اليوم التالي، وقرر المضي في العملية التي خشي أن يؤدي تأخيرها الى تسريب المعلومات عن مراقبة حامل رسائل مزعوم لبن لادن، ما يجعله يلوذ بالفرار. كما أخذ أوباما في الاعتبار أن وحدة القوات الخاصة بالبحرية الأميركية أجرت تدريبات عدة لتنفيذ العملية، ورأى قائدها أن جنوده مستعدون لتنفيذ المهمة التي أعلن أوباما أنها لم تسفر عن ضحايا أو إصابات. وساد التوتر والقلق اجتماعاً عقد في البيت الأبيض ظهر الأحد، في حضور وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت غيتس ومستشار الأمن القومي توم دونيلون ومستشار البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب برينان، لمراقبة تنفيذ العملية على شاشة، ثم قال أوباما في رد فعله على أنباء موت بن لادن: «تمكنّا منه يا رجال». وفي مدينة أبوت آباد الباكستانية، شكك سكان في وجود بن لادن في مدينتهم حيث قتل، منددين بتنفيذ «مسرحية أميركية» جديدة في باكستان. وقال شرطي لدى محاولته إبعاد فضوليين عن المنزل الذي أقام فيه بن لادن: «لم نر شيئاً. طلب منا أن نأتي في الساعة الثالثة صباحاً، لكن العملية كانت قد انتهت». وصرح بشير قرشي، وهو متقاعد في ال61 من العمر: «لا أحد يصدق ما حصل، إذ لم نر أبداً أي عربي في المنطقة». أما المهندس نعمة الله بصوت فقال: «لا أصدق أن بن لادن عاش في منزل يبعد كيلومترين من أكاديمية الجيش الباكستاني. إنه إخراج خططت له الولاياتالمتحدة مع الحكومة الباكستانية». واعتبر وسيم إقبال الذي يعمل في بيع العقارات أن الولاياتالمتحدة خططت لتنفيذ العملية في هذه المدينة «لتشويه سمعة الجيش الباكستاني». وقال شاكيل أحمد الموظف في شركة لإنتاج الأدوية: «تريد الولاياتالمتحدة الانسحاب من أفغانستان وتؤكد الآن مقتل بن لادن، ما يجعلها تملك ذريعة لمغادرة هذا البلد». ويؤكد عطاء الله شاه، الطالب في ال17 أن الأمر «مجرد لعبة تعمد أوباما تنفيذها قبل الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 أيلول من أجل ضمان فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة». وفي إسلام آباد، أعلن المحلل السياسي امتياز غل: «طالما لم يقدم الأميركيون أدلة على مقتل بن لادن فلن تزول الشكوك، خصوصاً في باكستان».