عيّن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح، رئيساً للجنة إدارة المشاورات مع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية في شأن مراجعة دستور البلاد وقوانين الممارسة السياسية. وحدد جدولاً زمنياً للإصلاحات يستعجل قوانين الإنتخابات والأحزاب، فيما يرجئ ملف تعديل الدستور إلى ما بعد العام المقبل. ويأتي تشكيل اللجنة في خطوة بدت استجابة لأحزاب سياسية كبرى انتقدت غياب نقاش وطني موسع في شأن الإصلاحات المتوقعة والجدول الزمني لتطبيقها، «مكرساً بذلك وفي شكل رسمي المبدأ الديموقراطي للحوار والتشاور»، بحسب بيان التشكيل. ويبدو كذلك أن القرار أخذ بعين الاعتبار انتقادات شخصيات سياسية معروفة، أبرزها الأمين العام السابق ل «جبهة التحرير الوطني» عبدالحميد مهري، فوسع دائرة المشاورات إلى خارج أطر الأحزاب السياسية المعتمدة. وأكد بوتفليقة خلال اجتماع لمجلس الوزراء مساء أول من أمس، أنه «سيتم إجراء مشاورات سياسية واسعة مع الأحزاب والشخصيات الوطنية في شأن الإصلاحات السياسية المزمع القيام بها». وأعلن اختيار بن صالح ليتولى إدارة هذه المشاورات. وأوضحت الرئاسة في بيان أن بن صالح «يتمتع بتجربة طويلة ومعرفة عميقة بالساحة السياسية الوطنية». وأكد أن «ما سينشطه من مشاورات سياسية سيكون فرصة لاستقاء وجهات نظر ومقترحات الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية في شأن جملة الإصلاحات المعلن عنها، خصوصاً المراجعة المقبلة للدستور». وبن صالح سياسي مخضرم كان وراء تأسيس «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي يقوده حالياً الوزير الأول أحمد أويحيى، وهو كان ممثلاً دائماً لبلاده لدى «منظمة المؤتمر الإسلامي» ومديراً للإعلام في وزارة الخارجية. وجاء اختياره على ما يبدو لعلاقاته مع جميع مسؤولي الأحزاب السياسية ووقوفه في السنوات الماضية على رأس المجلس الدستوري. ويمتلك بن صالح خبرة في مسائل الحوار الوطني، وهو كان ناطقاً باسم «لجنة الحوار الوطني» التي قادت التشاور بين مختلف القوى السياسية وأعدت ندوة الوفاق المدني في شباط (فبراير) 1994 التي انبثقت عنها الهيئات الانتقالية في مرحلة الأزمة التي واجهت الجزائر. وانتخب في ما بعد رئيساً للمجلس الوطني الانتقالي (برلمان المرحلة الانتقالية) الذي أوكلت إليه مهام التشريع في الفترة التي امتدت ثلاث سنوات. ودعا بوتفليقة الحكومة إلى «أن تعجل في إعداد مشاريع القوانين المترتبة عن هذه الاصلاحات في أجل اقصاه بداية دورة البرلمان الخريف المقبل، أما مشروع مراجعة الدستور، فإنني عازم على عرضه على البرلمان بعد الانتخابات التشريعية المقبلة» المقررة العام المقبل، مشيراً إلى أنه سيعين «لجنة اختصاصية لتنهض بهذه المهمة وتكون هي التي سيرفع إليها ما سيصدر عن الأحزاب والشخصيات من عروض واقتراحات» لتعديل الدستور. وأضاف أنه «لو تبين أن مشروع المراجعة الدستورية معمق، فسيناط الشعب بعد البرلمان بالبت في أمره بمطلق سيادته من خلال استفتاء شفاف»، كما أكد أنه «لا يسوغ لأي تعديل دستور المساس بالطابع الجمهوري للدولة والنظام الديموقراطي القائم على التعددية الحزبية والإسلام من حيث هو دين الدولة والعربية من حيث هي اللغة الوطنية الرسمية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن وسلامة التراب الوطني ووحدته وكذا العلم الوطني والنشيد الوطني بصفتهما رمزين للثورة والجمهورية». وأشار إلى أنه «على ضوء آراء واقتراحات الأحزاب والشخصيات الوطنية التي سيتم استشارتها كما أسلفت ستؤول إلى الحكومة مسؤولية إعداد مشاريع القوانين المترتبة عن برنامج الإصلاحات السياسية». وصادق مجلس الوزراء على مشروع تعديل قانون العقوبات المتعلق لإلغاء تجريم المخالفات الصحافية. وقال بوتفليقة إن هذا الأمر «يتعلق بتحقيق الانسجام بين قوانيننا وقناعتنا، كما أنه رسالة تقدير موجهة إلى عائلة الصحافة الوطنية». وأضاف أن «حرية الرأي والتعبير مكسب يكفله الدستور، وسأسهر على تعزيزه».