وقّعت أمس حركتا «فتح» و«حماس» وكل الفصائل الفلسطينية اتفاق مصالحة، يتضمن ورقة المصالحة المصرية وورقة التفاهمات الفلسطينية – الفلسطينية، في اجتماع عقد في أحد فنادق القاهرة، لينهي بذلك اربعة اعوام من الانقسام بين «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة و «فتح» الحاكمة في الضفة الغربية. وبدأ الاجتماع، الذي شارك فيه مساعدون لرئيس الاستخبارات المصرية برئاسة وكيلها خالد العرابي، بتوزيع الاتفاق على رؤساء الوفود لتوقيعه، وألقى رئيس كل وفد كلمة موجزة تناول فيها وجهة نظره وملاحظاته. وبدأت الكلمات بكلمة من العرابي واختتمت بكلمة لرئيس وفد «حماس» خالد مشعل ثم رئيس وفد «فتح» عزام الأحمد. وأكد مشعل في كلمته «أنه لا محاصصة في اتفاق المصالحة، وطي صفحة الانقسام من دون رجعة، بعدما تمت معالجة كل القضايا العالقة والاتفاق عليها»، مشيراً الى ان «هذا الاتفاق ثمرة عام كامل». وقال الأحمد إن مرحلة جديدة بدأت وصفحة طويت وذهبت بلا عودة». ومن المقرر ان يقام ظهر الاربعاء احتفال رسمي باعلان المصالحة الفلسطينية بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد مشعل وآخرين. وكشف الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلح ل «الحياة» عن أنه تمت إضافة فقرة كاملة في ورقة التفاهمات الفلسطينية. وقال: «اجتمعنا عقب وصولنا أول من امس مع المسؤولين المصريين وتمسكنا بموقفنا بأننا شهود على هذا الاتفاق، ولسنا شركاء»، لافتاً إلى أنه بناء على ذلك أضاف المصريون فقرة كاملة تتناول أن هذا الاتفاق ملزم بقدر حجم انخراط القوى ومشاركتها في بنود هذا الاتفاق. وأوضح نائب الأمين العام ل «الجهاد الإسلامي» زياد نخالة ل «الحياة» أن هذه الإضافة تمنح الحرية لسائر القوى والفصائل. فكل فصيل يتحدد التزامه بالاتفاق على قدر مشاركته في بنوده، لافتاً إلى أن الجهاد كان يعنيها التأكيد على عدم مشاركتها في الحكومة وعدم التزامها باستحقاقات هذه الحكومة. وأضاف: «باركنا هذا الاتفاق لكن احتفظنا بحقنا بعدم الالتزام بكامل بنوده لأننا لسنا أصحاب علاقة مباشرة». ورأى النخالة أن «هذا الاتفاق وقع لأن هناك مصلحة لدى حماس بالتوقيع وكسر الحصار على قطاع غزة وعدم تحمل مسؤولية العبء الاقتصادي على القطاع، بينما حركة «فتح» وقعت لأن الرئيس الفلسطيني يحتاج إلى الشرعية التي تمنحه الحق بالتحدث نيابة عن الفلسطينيين وأنه يمثل جميع الفلسطينيين وليس فصيلاً بعينه حتى يمكن أن يكون في الأمم متحدة ممثلاً عن فلسطين». واعتبر نخالة أن «المصالحة ظاهرياً تحققت، لكن المحك والمعيار هو مدى إمكان تجسيدها على أرض الواقع»، لافتاً إلى صعوبة تحقيق ذلك. وقال: «الأيام المقبلة ستحكم هل بإمكان الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية أن تكف عن ملاحقة المقاومين؟ وهل سيتم إطلاق سراح المعتقلين؟ وهل ستتخلى الأجهزة الأمنية عن التنسيق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية؟». وعبر النخالة عن مخاوفه من عدم إمكان الحكومة التي ستشكل القيام باستحقاقاتها «فهي حكومة ستشكل من مستقلين، فكيف يمكن أن تنفذ سياسات على الأرض ولا توجد قوى تدعمها؟»، مرجحاً أن الأشخاص «الذين سيتولون الحقائب الوزارية سيدعمون من الفصائل التي سترشحهم كي يتمكنوا من إلزام الآخرين بسياسات محددة». وقال: «هذا امتحان صعب، والحكومة التي ستشكل منوطة بتنفيذ الاتفاق والتحضير للانتخابات وخلق مناخات إيجابية لدعم المصالحة بما فيها الملفات الشائكة وعلى رأسها الملف الأمني». وذكر عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الشعبية» ماهر الطاهر ل «الحياة» أن «لقاءً سيجمع الاربعاء خالد مشعل ومحمود عباس قبيل بدء مراسم الاحتفال بالتوقيع على اتفاق المصالحة». وقال الطاهر ل «الحياة» «إننا كجبهة شعبية طلبنا من مشعل ضرورة اجتماع الأمناء العامين للفصائل ورئاسة المجلس الوطني الفلسطيني لوضع آليات تنفيذية لإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وتصحيح أوضاعها». مضيفاً: «نريد وحدة وطنية حقيقية والتأكيد على المقاومة بأنها حق شرعي غير قابل للجدل والنقاش». ولفت الطاهر إلى أن «الجبهة الشعبية تريد أن تجري الانتخابات وفق النظام النسبي الكامل وليس المختلط كما تريد حماس، كما نرى ضرورة التوافق حول الرؤية السياسية بعد أن ثبت أن المفاوضات عبثية ولا يمكن إقامة دولة فلسطينية في ظل وجود نصف مليون مستوطن»، داعياً إلى ضرورة التمسك بالثوابت الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة واعتبار وثيقة الوفاق الوطني مرجعية للعمل الوطني الفلسطيني لاستنهاض كل قوى الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات. وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عزت الرشق: «وقعنا اتفاق المصالحة حرصاً على وحدة الشعب الفلسطيني ومن أجل إنهاء الانقسام»، معتبراً أن هذا التوقيع خطوة أولى في طريق استعادة اللحمة الفلسطينية، لافتاً إلى أن الخطوة الأولى عقب الاحتفال الرسمي الذي سيتم الاربعاء (اليوم) هو الاتفاق على آليات تشكيل الحكومة ورئيس الحكومة واللجنة الأمنية العليا ولجنة الانتخابات، مرجحاً أن تشهد الأيام المقبلة ورشة عمل واجتماعات مكثفة لوضع آليات تنفيذ الاتفاق. وستجري مراسم الاعلان عن اتفاق المصالحة في مقر جهاز الاستخبارات العامة المصرية في القاهرة بعدما تم تغيير المكان الذي كان يفترض ان يتم فيه، وهو قاعة المؤتمرات في ضاحية مدينة نصر، إذ رأت القيادة المصرية انه من الافضل عدم اقامة احتفال كبير في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر. ومن المفترض أن يبدأ الاحتفال بكلمات يبدأها كل من رئيس الاستخبارات المصرية مراد موافي ووزير الخارجية المصري نبيل العربي وكذلك الرئيس الفلسطيني. وعلمت «الحياة» أن ورقة المصالحة التي وقعتها حركتا «فتح» و «حماس» والفصائل الفلسطينية متطابقة تماماً مع الورقة المصرية لكن تم تغيير في صياغة الديباجة في الفقرة التي تتعلق بذكر نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك كقيادة سياسية للبلاد، واستبدلت بكلمة «مصر». وثار جدل حول ترتيب القاء الكلمات خلال مراسم الاحتفال، إذ فيما سيلقي عباس كلمة باعتباره رئيساً لكل الفلسطينيين، أصرت حركة «حماس» على القاء مشعل كلمتها ما يرجح أن تتجاوب مصر مع هذه الرغبة. ووقعت جميع القوى والفصائل على الورقة المصرية وورقة التفاهمات بنسختين، ورقة جماعية وقع عليها الجميع وورقة منفصلة تخص كل فصيل، ولم يوقع عليها عباس. ولن يشهد احتفال اليوم أي توقيعات لكنه مجرد إعلان على إنجاز اتفاق المصالحة. وسيحضر الاحتفال اليوم وزير الخارجية المصري نبيل العربي وممثل قطر حمد العطية والمنسق الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كاترين آشتون ووزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو والأمين العام للجامعة العربية أو ممثل عنه، وقد دعي للاحتفال ايضاً الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر.