إعلان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مقتل أسامة بن لادن في مخبئه بالمجمع الباكستاني ختم سلسلة الأنباء الأميركية عن أنباء مقتله. وتتهمه الولاياتالمتحدة بالمسؤولية عن الهجوم على العمق الأميركي. وأتت المساعي الأميركية الضخمة ثمارها. فالاستخبارات الأميركية صرفت ساعات لا تحصى على معرفة مكان أسامة بن لادن، وأنفقت واشنطن ما يفوق 3 تريليونات دولار في الحرب على العراق ومبالغ هائلة في حربها على أفغانستان. ولم يذكر الأميركيون أن باكستان شاركت في العملية في مدينة أيبت أباد. ومخبأ أسامة بن لادن يبعد نحو 100 متر عن أكاديمية الجيش الباكستاني العسكرية. ولكن بعض المصادر تقول إن العملية كانت مشتركة بين الجانبين الأميركي والباكستاني. ولكن من المستبعد أن يختار شخص رصد للقبض عليه 50 مليون دولار مثل هذا المكان البارز والملفت للاختباء. فتكلفة تشييد المبنى بلغت نحو مليون دولار، وسوّر بحائط ارتفاعه خمسة أمتار وأسلاك شائكة، وشقت له بوابتان فُرضت عليهما الحراسة المشددة. ومثل هذا المبنى يثير الشبهات في أوساط الأجهزة الاستخبارية والمواطنين العاديين. ووفق الرواية الأميركية، أقامت نساء أسامة بن لادن الثلاث وأقام سبعة من أبنائه وعدد كبير من الحراس في المنزل هذا. ولكن كيف لم يخرج أحد من هؤلاء من هذا المخبأ طوال هذا الوقت؟ والصورة المنشورة لأسامة بن لادن لا تظهر سنّه اليوم. ويبدو أن الدراما هذه حيكت للقول إن أسامة كان يختبئ في باكستان، ولإضفاء صدقية على اتهام باكستان بتوفير ملاذ آمن «للقاعدة» والجماعات الأخرى التي تقف وراء مقتل عدد كبير من الأميركيين وقوات الناتو. واستغل وزير الداخلية الهندي التسريبات الأميركية ليقول إن باكستان مأوى الإرهابيين. وهو ادعاء يسوّغ شن مزيد من الغارات الجوية بطائرات من دون طيار على مناطق القبائل وحمل إسلام أباد على إرسال قواتها إلى شمال وزيرستان. ومن المحتمل أن أسامة بن لادن فارق الحياة في تورا بورا، قبل أعوام، وفق العقيد الأميركي بوب باباس أو في أي وقت آخر، على ما نقل بعض وكالات الأنباء ووسائل الإعلام. والإعلان عن مقتله في هذه الظروف يرفع معنويات القوات الأميركية في أفغانستان، على رغم أنها تخسر الحرب. وقد ينسى الرأي العام في الولاياتالمتحدة الأميركية المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها. ولكن هل يؤثر مقتل أسامة بن لادن في العلاقات بين «القاعدة» وطالبان، وهل تؤذن الحادثة هذه بافتراق الطرفين وسلك كل منهما طريقه الخاصة؟ والجواب على السؤال هذا عسير. * افتتاحية، عن «ذي نايشن» الباكستانية، 3/5/2011، إعداد جمال إسماعيل