تُشير نتائج تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الليبرالي في مصر والمغرب وتركيا والهند وتشيخيا، إلى تباين كبير في النتائج، ما يعني وجود تأثير قوي لعوامل الكفاءة والنزاهة في تطبيقه، وكذلك في الإطار السياسي الذي تم تطبيق البرنامج فيه، ومدى اتساقه مع نموذج الليبرالية الاقتصادية وضرورات مكافحة الفساد. وهذا التباين في النتائج، يعني أن طبيعة العلاقات الاقتصادية الدولية للبلد ومدى مساندتها لتطبيق البرنامج أو اعاقته، أثرت بقوة في النتائج الإيجابية أو السلبية أياً تكن كفاءة التطبيق ونزاهته. هذا ما خلص إليه الباحث المصري أحمد السيد النجار في دراسة أعدها تحت عنوان «الإصلاح الاقتصادي الليبرالي... مخرج أم مأزق؟» وصدرت عن «مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية - الأهرام». وفي ما يتعلق بالاقتصاد المصري، يشير إلى أن «الاقتصاد المصري كان يعاني من حال تباطؤ في النمو مع ارتفاع كبير لمعدلات التضخم التي كانت تشير إلى أن الاقتصاد في حال حمى حقيقية تؤدي الى تآكل الأجور الحقيقية وتدهور مستويات معيشة العاملين بأجر. وكان يعاني أيضاً من ارتفاع عدد العاطلين من العمل ومعدل البطالة بكل الآثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لهذه الظواهر، وبما تؤدي إليه من رفع معدل الإعالة وتوسيع نطاق الفقر. وكذلك كان يعاني نقصاً فادحاً في الاحتياطات الرسمية من النقد الأجنبي ومعدلات تغطيتها للواردات». ويلفت النجار إلى أن «اختيار نمط الإصلاح الاقتصادي الليبرالي في مصر، كان مرتبطاً بطرحه من جانب الدول الدائنة وصندوق النقد والبنك الدولي، وبممارسة ضغوط خارجية على الحكومة المصرية في ظل أزمة مال خانقة، خلافاً لما هي الحال في الهند أو تركيا أو تشيخيا حيث كان اختيار البرامج الإصلاحية نخبوياً واجتماعياً. وربما تتشابه مصر في هذا الصدد مع المغرب الذي اختار هذا النمط من الإصلاح»، مؤكداً أن «النتائج تشير إلى أن تطبيق هذا البرنامج في مصر نجح في معالجة بعض الاختلالات أو الأزمات، وفشل في بعضها الآخر». ويسوق الباحث أرقاماً ومقارنات في ما يتعلق بمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي، مشيراً إلى أنه «بلغ وفقاً للبيانات الرسمية، نحو 7.1 في المئة سنوياً بين عامي 1975 و1984. وتراجع إلى 2.4 في المئة سنوياً بين 1985 و1990. ثم بلغ بعد تطبيق البرنامج الإصلاحي نحو 4.5 في المئة بين 1990 و2010. ونحو 5.1 في المئة بين 2002 و2010. أما معدل التضخم فبلغ نحو 12.7 في المئة سنوياً بين 2007 و2010، مقارنة بنحو 6.8 في المئة سنوياً في الدول النامية، و 1.8 في المئة سنوياً في الدول المتقدمة»، معتبراً أن «البرنامج أدّى إلى تفاقم أزمة البطالة، إذ بلغ معدلها نحو 9.8 في المئة سنوياً في المتوسط بين عامي 2000 و2009، بعدما وصلت إلى 8.6 في المئة من قوة العمل عام 1990». ويؤكد النجار «حصول تدهور كبير في معدل الاستثمار في ظل الإصلاح الاقتصادي، إذ بلغ نحو 18.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً بين عامي 2002 و2010، وهو أدنى منه عام 1990 اذ بلغ نحو 29 في المئة. وتؤكد البيانات الدولية أن هذا المعدل هو الأدنى عالمياً، مقارنة بالمجموعات التي تُصنف الدول النامية على أساسها». ويضيف: «مقارنة بالدول المعنية، نجد أن معدل الاستثمار في تشيخيا في عام 2008 بلغ 25 في المئة، وفي المغرب 36 في المئة، وفي الهند 40، وفي تركيا 22. أما معدل الادخار ففشلت سياسات البرنامج في مصر في رفع معدله، بل تراجع من 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 1990 إلى نحو 14.6 في المئة سنوياً بين عامي 2002 و2010، بينما بلغ هذا المعدل في عام 2008، في تشيكيا 22 في المئة، والمغرب 31 في المئة، والهند 38 في المئة، وتركيا 18 في المئة». وتابع: «ارتفعت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة عقب بدء تطبيق برنامج الإصلاح، لكنها تركزت في الشركات العامة المطروحة للتخصيص وهو استثمار مزيف، وشراء أراض، واستثمار سياحي». وأكد أن «تلك الاستثمارات لم تضف في الغالب مشاريع انتاجية متكاملة في الصناعات العالية التقنية، بل أضافت مجرد عمليات تجميع في الصناعات العادية. ولم تؤسس نمطاً استثمارياً خاصاً بها».