يرى الباحث الاقتصادي أحمد السيد النجار أن على مصر أن تعتمد اقتصاداً منفتحاً على العالم في شكل عادل ومتكافئ، يرتكز إلى القطاع العام الذي تنشئه الدولة وتديره، أو الذي تدير الدولة عملية إنشائه من خلال اكتتابات عامة مضمونة لإنشاء مشاريع جديدة مملوكة لحملة أسهم وتخضع لرقابة الدولة. ويشير في كتابه «برنامج اقتصادي لمصر الثورة (ماج للدراسات الاستراتيجية)، إلى أن كل ما روّج له صندوق النقد والبنك الدولي، ومن ورائهما الدول الدائنة، حول انسحاب الدولة من الاقتصاد، غير صحيح، إذ أن الدولة في مصر تتحكّم في إنفاق عام يبلغ نحو 312 في المئة من الناتج المحلي، بينما بلغ الإنفاق العام، الجاري والاستثماري عام 2009 في مشروع الموازنة العامة للدولة عن 2011-2012 في كل من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والنمسا والمجر وهولندا وبلجيكا نحو 47.6 في المئة و46.4 في المئة و44 في المئة و39.6 في المئة و45.3 في المئة و45.6 في المئة و45.3 في المئة على التوالي. ويبين الكتاب أن الإنفاق المركزي عام 2009، حتى في الدول حيث يوجد ازدواج في الإنفاق العام للدولة، بسبب وجود إنفاق عام للحكومة المركزية وإنفاق عام في الولايات، بلغ 31.7 في المئة من الناتج المحلي في ألمانيا و26.3 في المئة في الولاياتالمتحدة. ولفت المؤلف إلى أن تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الحقيقي للناتج المحلي، وما يعنيه من زيادة سريعة في الناتج من السلع والخدمات، يمثل شرطاً أساساً لرفع مستويات معيشة المواطنين ومكافحة الفقر، إذا اقترن النمو السريع بتوزيع عادل للدخل من خلال نظم عادلة للأجور والضرائب والدعم والتحويلات. وأظهرت بيانات رسمية أن معدل الاستثمار، أي نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي بسعر السوق، بلغ نحو 18.7 في المئة خلال السنة المالية 2005- 2006، و20.9 في المئة في السنة المالية 2006-2007، و22.4 في المئة في 2007-2008، و19.2 في المئة في 2008-2009، و18.9 في المئة في 2009-2010. وأشارت تقديرات إلى أنه بلغ 15.4 في المئة خلال 2010-2011، كما أن تقديرات وزارة المال تتوقع أن يبلغ 15.2 في المئة فقط في العام المالي 2011-2012. وأوضح النجار أن المعدلات السائدة ما بين عامي 2005 و2010 تكفي لتحقيق معدل نمو للناتج المحلي يراوح بين 2.5 و3 في المئة فقط، على اعتبار أن العائد السنوي على هذه الاستثمارات يبلغ نحو 15 في المئة من قيمة الأموال المستثمرة. وفي حال إضافة التحسّن الممكن في إنتاجية الجهاز الإنتاجي القائم فعلاً، فإن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي قد يصل إلى نحو 3.5 في المئة في أفضل الأحوال. أما معدل الاستثمار المقدر للسنة المالية 2011-2012، فلا يمكن أن يحقق نمواً أكثر من 2.5 في المئة، وهو مستوى دون النمو المقدّر بنحو 3.2 في المئة، والذي ورد في مشروع الموازنة العامة. الاقتصادات السريعة النمو يُذكر أن الاقتصادات السريعة النمو والأعلى عالمياً في معدلات نموها في شرق آسيا والمحيط الهادي، تستند إلى أعلى معدلات للاستثمار في العالم، إذ أظهرت بيانات البنك الدولي أن المتوسط العالمي لنمو الاستثمار الحقيقي، بلغ نحو 22 في المئة عام 2008، في حين سجّل نحو 40 في المئة في الاقتصادات السريعة النمو في شرق آسيا والمحيط الهادئ، ونحو 44 في المئة في الصين والهند، و30 في المئة في مجموع دول الدخل المنخفض والمتوسط، ونحو 25 في المئة في شرق أوروبا وآسيا الوسطى، ونحو 26 في المئة في روسيا، و23 في المئة في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث أفقر دول العالم، و36 في المئة في المغرب، ونحو 34 في المئة في الجزائر. ومن المؤكد أن المعدّل المتدني للاستثمار الحقيقي في مصر، يضمن فقط تحقيق معدل نمو أقل كثيراً من المتوقّع في البيانات الرسمية، حتى بعد الأخذ في الاعتبار النمو الذي يفترض أن يتحقق في الإنتاج والإنتاجية في المشاريع القائمة. ويجب الإشارة إلى أن معدل الادخار، أي الادخار كنسبة من الناتج المحلي، متدنٍ جداً في مصر، إذ بلغ نحو 16.3 في المئة في السنة المالية 2006-2007 و16.8 في المئة في 2007-2008، و12.6 في المئة في 2008-2009، و14.1 في المئة 2009-2010، و10.8 في المئة خلال 2010-2011، ويتوقّع أن يسجّل نحو 9.9 في المئة في السنة المالية 2011-2012. وبلغ متوسط معدل الادخار في الدول النامية المتوسطة والمنخفضة الدخل 31 في المئة عام 2008، بينما سجّل مستويات قياسية في الصين حيث بلغ 54 في المئة.