تسلّم راهول غاندي رئاسة «حزب المؤتمر» الهندي المعارض أمس، ليصبح السادس من سلاسة نهرو- غاندي يتزعم الحزب الذي حكم الهند سنوات طويلة منذ استقلالها عن بريطانيا. وأُطلقت أسهم نارية فوق مقرّ الحزب في نيودلهي، وغطّت على صوت والدته صونيا أثناء مراسم تسليم الزعامة لابنها في مقرّ الحزب الذي أُسِّس عام 1855، وفي حضور أبرز قيادييه، بينهم رئيس الوزراء السابق مانموهان سينغ. وابتسم راهول ولوّح بيديه من على منصة تعلوها صور جدّته ووالده الراحلين، رئيسي الوزراء السابقين أنديرا وراجيف غاندي. وقال في خطاب قبول الزعامة: «أقبل هذا المنصب بكل تواضع، مدركاً أنني سأسير دائماً في ظل عمالقة». وشنّ هجوماً على رئيس الوزراء نارندرا مودي وحزب «بهاراتيا جاناتا» القومي الهندوسي الحاكم، قائلاً: «حزب المؤتمر نقلنا إلى القرن الحادي والعشرين، لكن رئيس الوزراء يشدّنا الآن إلى الوراء، إلى العصور الوسطى، عندما كان الناس يُذبَحون بسبب هويتهم ويُضرَبون بسبب معتقداتهم ويُقتلون بسبب ما يأكلونه». وقالت صونيا وسط تصفيق أنصار الحزب: «الهجمات الشخصية على ابني جعلته جسوراً. أثِق في أنه سيقود الحزب بشجاعة مثلي». وتواجه حكومة مودي انتقادات نتيجة تفاقم العنف الطائفي في الهند، بما في ذلك هجمات يشنّها حراس محليون تستهدف غالباً مسلمين يُعتقد أنهم أكلوا لحم بقر أو نحروا أبقاراً، لقدسية هذا الحيوان لدى الهندوس. ولم يترشّح أحد ضد راهول غاندي، الذي يخلف والدته التي شغلت المنصب طيلة 19 سنة، منذ عام 1998 بعد اغتيال زوجها راجيف، وساعدت «حزب المؤتمر» على الفوز في الانتخابات العامة في عامَي 2004 و2009. لكن الحزب مُني بخسارة أمام «بهاراتيا جاناتا» عام 2014، ويسعى الآن إلى استعادة التعبئة قبل انتخابات عامة مرتقبة عام 2019. وكان راهول نائباً لرئيس «حزب المؤتمر» عام 2013، وقاد حملة انتخابات 2014 التي سجّل فيها الحزب أسوأ نتائج له على الإطلاق، وهُزم أمام حزب مودي. منذ ذلك الحين، خسر الحزب الانتخابات في ولايات كثيرة أمام «بهاراتيا جاناتا»، ما عرّض غاندي لمزيد من الانتقادات. وهيمن «حزب المؤتمر» على الحياة السياسية في الهند، بعد استقلالها عام 1947، لكنه تراجع أمام جاذبية مودي وشعبويته والآلة الانتخابية القوية لحزب «بهاراتيا جاناتا». ووصف مودي راهول ب «شهزادا» أي الأمير. وسيواجه راهول أول اختبار له زعيماً ل «حزب المؤتمر» عند صدور نتائج انتخابات ولاية غوجارات، مسقط رأس مودي، والتي يسيطر عليها «بهاراتيا جاناتا» منذ أكثر من عقدين. وقاد راهول حملة الحزب في الانتخابات، ونال دعم طبقات اجتماعية مؤثرة تشكو من تهميش في الفورة الاقتصادية التي شهدتها الولاية الغربية. لكن استطلاعات رأي أظهرت أن «بهاراتيا جاناتا» سيكتسح غوجارات والانتخابات في ولاية هيمشال براديش الشمالية. دخل راهول (47 سنة) معترك السياسة قبل 13 سنة، عندما فاز بمقعد عائلته عن أميثي شمال الهند. ولطالما بدا زعيماً متردّداً، لكنه هذا العام ظهر في مناسبات عامة أكثر ثقة بنفسه. وعلى راهول أن يعيد تعبئة الحزب ويجدّد قياديّيه ويتغلّب على الفساد وتقادم هيكلياته، نظراً إلى تاريخه الطويل. وقالت غوربريت ماهاجان، وهي أستاذة العلوم السياسية في جامعة جواهر لال نهرو في دلهي، إن راهول «سيُعتبر دوماً وريث سلاسة حاكمة. لكن الكثير سيعتمد على كيفية تحقيقه نتائج للحزب.