رأى مستثمرون عقاريون أن حركة التداولات في القطاع العقاري الآونة الأخيرة، أضحت غير واضحة المعالم في جميع مناطق المملكة، خصوصاً مع التحركات الأخيرة لوزارة الإسكان وإعلانها لعدد من المنتجات الحكومية، إضافة إلى إشراك القطاع الخاص في عمليات الإقراض بحسب الاتفاقات الأخيرة مع المصارف وشركات التمويل العقاري، مشددين على أن التنبؤ أمر صعب في ظل توسع الطلب وضعف عمليات التطوير وشح الأراضي، إذ تظل حال «الترقب» هي السائدة. وشهدت المدن السعودية الرئيسة خلال العقد الماضي توسعاً عمرانياً هائلاً، تلبية للطلب المتزايد على المساكن نتيجة للنمو السكاني الهائل والذي يتجاوز 2.24 في المئة سنوياً. واعتمدت الحكومة السعودية عدداً من مخططات الأراضي السكنية الحكومية والخاصة في المدن والقرى تلبية للطلب المتزايد على الأراضي السكنية، إلا أنها لم تقابل بتطوير شامل للخدمات بحسب ما قال متخصصون عقاريون ل«الحياة» نتيجة لعراقيل تتحملها جهات مختلفة. وقال المستثمر والمطور العقاري سلمان بن سعيدان إن المشهد العام الذي يرى ارتفاع أسعار الأراضي، على رغم أن هناك مساحات شاسعة من الأراضي البيضاء «حقيقي». وأوضح بن سعيدان أن ما تفتقده السوق العقارية السعودية بشكل عام هو التطوير الشامل الذي يتضمن الخدمات والمرافق، مؤكداً أن التحدي المهم يكمن في التطوير لتلك الأراضي، إذ إن التطوير يواجه عقبات كثيرة من جهات مختلفة، مضيفاً : «طالما أن الوضع كذلك فمن الطبيعي أن يكون التطوير الفردي والمؤسسات الصغيرة التي تقوم ببناء عدد محدود جداً من المساكن الأكثر حراكاً، لأن عملهم بالعادة لا يرتبط بإجراءات حكومية». وأردف بن سعيدان بقوله: «أهم التحديات التي كشفت عنها دراسات ميدانية حديثة للسوق العقارية بمدينة الرياض هو ضعف كفاءة قطاع التطوير العقاري السكني، وتبيّن لنا من خلال المسح الميداني لمدينة الرياض أن نسبة مجموع الوحدات السكنية المطورة من خلال شركات التطوير العقاري السكني من مجموع الوحدات السكنية المطورة لم تزد عن 6 في المئة، والبقية تم تطويرها من أفراد للاستخدام الشخصي وأفراد ومؤسسات صغيرة لغرض البيع». من جهته، قال المستثمر العقاري في محافظة جدة عبدالرحمن المهيدب، إن زيادة أسعار العقارات اللافتة في الأعوام القليلة الماضية، يقابلها في الوقت الراهن حال من الترقب في السوق، نظراً لانتظار تنفيذ القرارات من وزارة الإسكان وبناء الوحدات السكنية، وتجهيز البنية التحتية للأراضي التي منحت للوزارة من الأمانات وتوفير المسكن لهم، موضحاً أن نشاط السوق مرهون بتوافر المنتجات العقارية المطورة الصالحة للسكن والاستثمار والبناء. وحول النشاط العقاري في مدينة جدة بشكل خاص، قال المهيدب إن جميع اتجاهات جدة تشهد نمواً، خصوصاً في اتجاهي الشمال والشرق، ولكن ما يجعل الشمال مثيراً للاهتمام، وجود المساحات القابلة للتطوير ورغبة قطاعات حكومية عدة والخاصة في الوجود شمالاً والتي وضعت النمو السريع للمدينة باتجاه الشمال حتى ذهبان لتكون البوابة الشمالية لجدة، واختارت عدداً من المناطق غير المطورة كأحياء مستقبلية تتسع معها حدود جدة، وتنتشر فيها المشاريع التنموية الكبرى. وأوضح المهيدب أن مدينة جدة ووفقاً لتقارير اقتصادية تجمع بين خصائص سكانية واقتصادية تجعلها نقطة جذب للمشاريع التجارية والسكنية - على حد سواء - مع تضاعف التعداد السكاني فيها في الأعوام ال25 الماضية، ليصل إلى 3,6 مليون نسمة، وعلى رغم من الخطط الرامية لبناء مليوني وحدة سكنية بحلول العام 2015، فإنه من غير المتوقع أن تلبي هذه الوحدات الطلب على المساكن، ومع وجود عدد من المشاريع في مرحلة التخطيط والتنفيذ وبقاء الطلب عند معدلاته الحالية، فإنه من المتوقع ازدياد الاستثمارات في السكن الميسر، وسيكون من شأن الأسعار المرتفعة حفز المستثمرين. وقال رئيس مجلس إدارة مثمرة القابضة في مكةالمكرمة الدكتور عبدالله المشعل إن تزامن النمو العمراني الذي تشهد مناطق المملكة مع قروض صندوق التنمية العقاري الذي تم دعمه ورفع رأسماله وضخ المزيد من السيولة بهدف زيادة عدد المقترضين، إضافة لازدياد الطلب من فئة الشباب وحديثي الزواج، إضافة إلى تنامي الوعي العام بمزايا التوسع والاستثمار في المناطق الجديدة والأراضي الغير مطورة من مستثمرين وشركات التطوير العقاري التي بادرت وأجرت دراسات على الاستثمار في تطوير المشاريع السكنية، واختارت شريحة محددة من المستهدفين ومعظمهم من ذوي الدخل المتوسط. وأضاف المشعل أن مكة من المدن القليلة في العالم التي لا يخضع الطلب لعوامل التغيرات الاقتصادية، والمتغيرات السياسية، نظراً لتنوع الطلب على المنتجات السكنية بين شقق التمليك والتأجير والمفروشة والفنادق بمختلف الدرجات، ما يمنحها خصوصية عن بقية المناطق في حجم الأسعار ونوعية الطلب والخدمات المقدمة، إلا أنها تتشابه مع طبيعة التمدد خارج النطاق التجاري والافتقار لخدمات التطوير الحقيقية.