لندن, واشنطن - يو بي آي، أ ف ب، رويترز - كشفت وثيقة ديبلوماسية أميركية سرية حصل عليها موقع «ويكيليكس» أن زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن نجا، بمساعدة أمير الحرب الباكستاني الملا نور محمد، من مكمن نصبته القوات الخاصة الأميركية والبريطانية لمخبئه في جبال تورا بورا الأفغانية نهاية عام 2001. ونقلت صحيفة «ذي غارديان» عن الوثيقة التي يعود تاريخها إلى آب (أغسطس) 2007 ووضعها مسؤولو معتقل قاعدة غوانتانامو العسكرية الأميركية في كوبا، أن محتجزاً أفغانياً يُدعى هارون شيرزاد أبلغهم أن نور محمد قدّم 40 أو 50 مقاتلاً لمرافقة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري إلى برّ الأمان بعد اجتماع عقده مع قائد العمليات العسكرية في تنظيم القاعدة «أبو تراب» في منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2001. وكانت القوات الأميركية شنت عملية لاعتقال بن لادن أو قتله مطلع كانون الأول 2001 بعد نحو ثلاثة أسابيع من دخولها إلى العاصمة الأفغانية كابول، وحاصر أكثر من 100 جندي من القوات الخاصة الغربية بدعم آلاف الأفغان مقر بن لادن في تورا بورا بعد عشرة أيام من القتال. ونقلت الصحيفة عن وثائق غوانتانامو إن «بن لادن تواجد في مدينة خوست شرق أفغانستان في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ثم انتقل للإقامة في بيت للضيافة بكابول في تشرين الأول (أكتوبر) من العام ذاته، ووصل إلى مدينة جلال آباد في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) حيث وزع 100 ألف دولار على قادة القبائل المحلية لضمان ولائهم، قبل أن ينتقل إلى جبال تورا بورا بسبب معرفته الوثيقة بالمنطقة منذ الحرب ضد السوفيات في الثمانينات من القرن العشرين، وإقامته فيها بعد وصوله إلى أفغانستان قادماً من السودان عام 1996». وأضافت الوثائق، بحسب رواية المحتجز في غوانتانامو سالم أحمد سالم حمدان، أن «بن لادن غادر موقعه في جبال تورا بورا بسرعة وفي شكل مفاجئ مع عدد قليل من الأفراد اختارهم بنفسه وترك حراسه فيها، فيما فرّت عائلته من مدينة قندهار حيث أقامت طيلة فترة القتال عام 2001، وسهل سائقه الشخصي ورجل آخر متزوج من إحدى بناته هروب ثلاثة من زوجاته من أفغانستان». وأشارت الى أن زوجات بن لادن غادرن قندهار في اتجاه الحدود الباكستانية ونقلن منها إلى مدينة كويتا جنوب شرقي باكستان، وأن أثرياء خليجيين متعاطفين مع تنظيم القاعدة موّلوا عملية هروب بن لادن وعائلته». وكشفت وثيقة أخرى تابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن القاعدة استخدمت نحو عشرة مساجد ومراكز إسلامية انتشرت في مدن عدة بينها كراتشيالباكستانية ومونتريال الكندية وليون الفرنسية والقاهرة المصرية لتجنيد عناصرها وتدريبهم. وأشارت الوثيقة التي أعدت لمساعدة المحققين الأميركيين في استجواب معتقلي غوانتانامو، الى مسجد السنة في مونتريال وجامعة أبو بكر الإسلامية والمسجد المكي في كراتشي ومسجد الخير في صنعاء، ومعهد دماج في صعدة باليمن ومسجد «فينسبوري بارك» ومكان استأجره نادي شباب «فور فيذرز» قرب شارع بيكر ستريت في لندن، والجامع الكبير في مدينة ليون الفرنسية، والمعهد الثقافي الإسلامي في مدينة ميلانو الإيطالية، وأخيراً مسجد وزير اكبرخان في كابول. وأفادت وثيقة أخرى ل «البنتاغون» بأن الموريتاني محمدو ولد صالحي (40 سنة) الذي يعتبر من كبار مسؤولي «القاعدة»، عمل لفترة وجيزة إماماً لمسجد السنة في مونتريال خلال شهر رمضان في شتاء 1999- 2000، وذلك بعد سفر إمام المسجد الى السعودية لأداء العمرة. وأشار «البنتاغون» الى أن ولد صالحي مهندس كهربائي درس في ألمانيا، ثم غادر الى أفعانستان حيث التحق ببن لادن. وجند في تسعينيات القرن العشرين 4 أشخاص شاركوا في اعتداءات 11 أيلول، بينهم 3 طيارين صدموا بطائراتهم أهدافاً في الولاياتالمتحدة. وكشف ان ولد صالحي ترأس خلية من «القاعدة» في مونتريال كان يفترض أن تهاجم مطار لوس أنجليس وأهدافاً أخرى في الولاياتالمتحدة. وأبدى كامل قبطان، إمام الجامع الكبير في ليون، غضبه من اعتبار الإدارة الأميركية الجامع «أحد مراكز تجنيد عناصر القاعدة في أوروبا». وقال: «الجامع الكبير في ليون مؤسسة معروفة في أنحاء العالم وعملها مشهود له، وليس لها أن ترد على اتهامات واهية». وطلب لقاء السفير الأميركي في باريس كي يبلغه أن «سوق اتهامات خطرة ومدمرة في حق هذا المسجد والقائمين عليه أمر غير مقبول». هولدر وفي واشنطن، اعلن وزير العدل الأميركي إريك هولدر أن وثائق «ويكيليكس» الإلكتروني التي كشفت الأحد الماضي تقويمات أجرتها الاستخبارات لمعتقلي غوانتانامو، لن تؤثر على قضاياهم. وقال: «أشجب التسريبات التي تهدف الى الحاق الضرر بعلاقات الولاياتالمتحدة مع بعض حلفائها، فيما لا أرى أي مردود على قضايا من ستجرى محاكمتهم». وقال هولدر إن «الإدارة الأميركية لا يمكن أن تكشف تقويماتها لسجناء غوانتانامو لأن جزءاً منها يعتمد على مجموعة واسعة من المصادر، بعضها سري، وانتزاع ذلك منها سيعطي معلومات غير مكتملة»، علماً أن وثائق «ويكيليكس» لم تكشف استخدام وسائل تعذيب قاسية في غوانتانامو كانت لاقت إدانة واسعة، وخلقت مشاكل في النظر في بعض القضايا. لكن محامين عن معتقلين في غوانتانامو اعلنوا انهم سيستغلون الوثائق في الدفاع عن موكليهم. وفي تعليقات أخرى، صرح هولدر بانه لا يستطيع القول إذا كانت القاعدة تخطط لشن هجمات تتزامن مع الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 أيلول، وأضاف: «الحقيقة المرة أنهم يخططون لذلك كل يوم».