فجر مجهولون أنبوب الغاز الرئيسي المغذي لمناطق في سيناء المصرية والمستخدم في تصدير الغاز لكل من إسرائيل والأردن وسورية والواقع في «منطقة السبيل» جنوب غربي العريش، ما أدى الى توقف الإمدادات أمس. وبحسب مسؤولون مصريون فإن تفجير خط الأنابيب تم عن بعد في مركز توزيع وتصدير الغاز لإسرائيل والأردن. وقال شهود إنهم سمعوا صوت دوي انفجار هائل في الساعات الأولى من صباح أمس أحدث اهتزازات عنيفة في البنايات الواقعة على مسافة كيلو متر واحد من محطة الغاز. وأضافوا أنهم شاهدوا ألسنة اللهب المصحوبة بالأدخنة تتصاعد من داخل محطة أنبوب الغاز الطبيعي إلى ارتفاعات تتراوح ما بين 20 إلى 30 متراً. وتوجهت قوات من الجيش والحماية المدنية والإسعاف إلى مكان الحادث ومنعت اقتراب المواطنين من الأنبوب. وقال مصدر طبي إن الانفجار لم يخلف إصابات. والأنبوب المنفجر هو الأنبوب الرئيسي المتفرع منه أنبوب الغاز المغذي للمحطة البخارية لتوليد الكهرباء في العريش وأنبوب توصيل الغاز الطبيعي للأحياء السكنية وأنبوب توصيل الغاز الطبيعي لمصانع الاسمنت في منطقة الصناعات الثقيلة في وسط سيناء ومحطة توزيع الغاز للخط المؤدي إلى إسرائيل والأردن وسورية الواقعة في منطقة جنوب شرقي العريش. وتمكنت قوات الإطفاء من السيطرة على الحريق الكبير الذي خلفه الانفجار بعد ساعات من وقوعه. وقال مدير أمن شمال سيناء اللواء صالح المصري إنه لم تتوافر لدى أجهزة الأمن أية معلومات في شأن المتورطين في الانفجار، واصفاً تفجير خط الغاز ب «العمل الجبان» الذي يهدف إلى زعزعة أمن واستقرار الاقتصاد المصري بصفة خاصة والبلاد بصفة عامة. وحول الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها منعاً لتكرار الحادث، أوضح المصري أنه سيتم وضع آلية جديدة لتشديد الإجراءات الأمنية. فيما وصف محافظ شمال سيناء اللواء عبد الوهاب مبروك التفجير بأنه «عمل تخريبي». وقال رئيس الشركة المصرية للغازات الطبيعية «جاسكو» المهندس مجدي توفيق، وهي الشركة المشرفة على إدارة وتشغيل خط أنابيب الغاز عبر سيناء، إنه فور اندلاع الحريق تم غلق محابس الغاز قبل وبعد منطقة الحريق لحصار كميات الغاز المحترقة وتمت السيطرة على الحريق في أسرع وقت. وسعياً لسد النقص الذي نجم عن توقف إمدادات الغاز المصري، سمحت السلطات الإسرائيلية للمحطات الحرارية باستخدام مواد ملوثة خصوصاً المازوت وذلك لتفادي انقطاع التيار الكهربائي. وقالت شركة «كهرباء إسرائيل» المملوكة للدولة إنها تأخذ استعدادات لكي تستمر محطاتها بالعمل بعد التفجير. وقال المرفق في بيان أمس: «ستعبئ إدارة الشركة كل الموارد تحت تصرفها لضمان استمرار إمدادات الكهرباء في شكل منتظم بما في ذلك استخدام أنواع أخرى من الوقود وفقاً للوائح وبالتنسيق مع وزارة البنية الأساسية ووزارة البيئة». وقال وزير البنية الأساسية الإسرائيلي عوزي لاندو إن الهجوم على خط الأنابيب يثبت حاجة البلاد الى إيجاد بدائل للغاز المصري. وقالت شركة «أمبال-أميركان إسرائيل» وهي شريك إسرائيلي في شركة غاز شرق المتوسط التي تورد الغاز المصري الى إسرائيل إن الانفجار وقع في محطة لقياس الغاز على بعد كيلومترين من مدينة العريش في شمال سيناء و30 كيلومتراً من محطة غاز شرق المتوسط. والمحطة مملوكة لشركة جاسكو المصرية لنقل الغاز وهي وحدة للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «ايجاس». وقالت أمبال في بيان «عقب الانفجار بدأت ايجاس إجراءاتها المعيارية لوقف نقل الغاز عبر شبه جزيرة سيناء ووقف مد الغاز الى الأردن ولبنان وسورية والى صناعات مصرية رئيسية ومستهلكين للغاز في سيناء والى غاز شرق المتوسط. حجم الأضرار التي لحقت بمحطة القياس التابعة لجاسكو والفترة التي ستستغرقها أعمال الإصلاح غير معروفة في الوقت الحالي». وأثناء التوقف السابق لخط الأنابيب عززت إسرائيل إنتاج الغاز من حقلها البحري «يام ثيتيس» الذي يمد بالفعل البلد بمعظم حاجاته من الغاز. ودفع اكتشاف حقلين بحريين جديدين - موقع تامار الذي سيبدأ الإنتاج في 2013 ومكمن لوثيان الأضخم المتوقع أن يكون جاهزاً في 2017 تقريباً - بعض المسؤولين الى القول بأن على إسرائيل التوقف عن استيراد الغاز المصري. لكن آخرين يقولون إن المنافسة مهمة لإبقاء الأسعار منخفضة. ورداً على سؤال عما سيحدث إذا ألغت مصر صفقة الغاز مع إسرائيل، قال لانداو: «نستعد لهذا الاحتمال عن طريق تسريع ربط تامار بأنابيب الغاز الإسرائيلية. من المفترض أن يحدث هذا في 2013 وهو ما سيلبي كل حاجاتنا». وأضاف: «نعمل أيضاً على تجهيز نظام احتياطي وأنواع وقود بديلة». من ناحيته أكد الأردن توقف إمداده بالغاز المصري نتيجة الهجوم. وقال خالد طوقان، وزير الطاقة والثروة المعدنية، في بيان إن الاعتداء «أوقف ضخ الغاز المصري المستخدم في توليد الكهرباء في المملكة ما اضطر شركة الكهرباء الوطنية الى التحول للاعتماد على الوقود الثقيل والديزل لتوليد الكهرباء». وأشار الى «توافر احتياطي مناسب في محطات توليد الكهرباء من زيت الوقود الثقيل والديزل يكفي لتشغيلها لمدة لا تقل عن أسبوعين». وأضاف إن «العمل يجري حالياً... لضمان توفير الكميات اللازمة لاستمرار تشغيل المحطات لحين معرفة وضع الغاز الطبيعي والفترة المتوقعة للتوقف إضافة الى العمل على رفع كميات الكهرباء المستوردة من مصر عبر خط الربط الكهربائي». وهجوم أمس هو الثاني من نوعه خلال نحو 3 أشهر، ففي 5 شباط (فبراير) في أوج الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك استهدف هجوم بالمتفجرات أنبوب الغاز ما أدى الى توقف الإمدادات. وبعد أكثر من شهر على ذلك أعادت مصر ضخ إمدادات الغاز لإسرائيل. ويعترض المصريون على بيع الغاز لإسرائيل لأنه يباع بأقل كثيراً من سعره في السوق العالمية. وقررت الحكومة المصرية الشهر الجاري مراجعة كل اتفاقات توريد الغاز بما في ذلك اتفاقية تصديره إلى إسرائيل، فيما يحاكم وزير البترول السابق سامح فهمي ومسؤولين آخرين بسبب بيع الغاز لإسرائيل بسعر أقل من سعر السوق. وكان عوزي لاندو أشاد باستئناف إمدادات الغاز المصرية لبلاده مشيراً الى أن «الغاز يمثل القسم الأهم في الجانب الاقتصادي من معاهدة السلام المبرمة بين البلدين» التي وقعت في 1979. وتزود مصر إسرائيل ب 43 في المئة من استهلاكها من الغاز الطبيعي الذي يغذي خصوصاً المحطات الكهربائية. أما الأردن التي تغطي وارداتها من الغاز المصري 80 في المئة من حاجاتها الكهربائية، فإنها تستورد 6,8 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من مصر.