تواجه منظمة التجارة العالمية تحديات طغت على أجواء اجتماعها الوزاري النصف السنوي الحادي عشر، الذي بدأ أمس في الأرجنتين، وتتمثل في خلافات حول الصين وعجز عن إطلاق دورة جديدة من مفاوضات واسعة، وانتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يرفع شعار «أميركا أولاً»، وهو الاجتماع الأول منذ انتخابه. وتضم المنظمة 164 بلداً، ويستمر الاجتماع حتى 13 من الشهر الجاري. وأعلن موظف فرنسي رفيع لوكالة «فرانس برس»، أن واشنطن «لا تستبعد إعادة التفاوض حول اتفاقات تجارية أُبرمت برعاية المنظمة، وتواجه انتقادات لعرقلتها تعيينات داخل هيئة فض الخلافات في المنظمة». وهذه الهيئة التي تُعد أحد أسباب تأسيس المنظمة، تنظر في النزاعات بين الحكومات حول الدعم المالي للسلع أو الرسوم الجمركية. فهي تلعب مثلاً دوراً كبيراً في الحرب التجارية بين المجموعتين الأميركية والأوروبية للصناعات الجوية «بوينغ» و «آرباص». وترى واشنطن أن هذه الهيئة للسلام في التجارة الدولية، ليست فعالة ووعدت مرات باتباع سياسة «أكثر جرأة» للدفاع عن مصالحها. وكان المدير العام للمنظمة روبرتو أزيفيدو، أشار إلى وجود «عدد من المواضيع المطروحة، واحتمال توافر بعض أوجه التقارب في أمور معينة، قد نتفق أو لا على بعض القضايا». لكن رأى أن «بوينس أيرس ستكون مرحلة إضافية في إدارة تحرير التجارة». واستبعد الأستاذ في جامعة باريس دوفين فيليب شالمان، أن «تخرج القمة بنتائج». وتكشف أمور كثيرة ضعف اندفاع المنظمة، إذ هي عاجزة منذ أكثر من 15 عاماً عن إطلاق جولة المفاوضات الكبيرة التي تسمى «دورة الدوحة». كما تُتهم بالعجز عن تسوية الخلافات بين عدد من الأعضاء والصين التي انضمت الى المنظمة عام 2001. وتطالب بكين بأن تعتبرها المنظمة «اقتصاد سوق»، لكنّ الأوروبيين والأميركيين وفي توافق نادر، يعترضون على الاعتراف رسمياً بهذا الوضع الذي سيضعف قدرتهم على اتخاذ إجراءات لمكافحة الإغراق ضد الصين. وفي الواقع، يأخذ الأميركيون والأوروبيون على بكين دعمها المبالغ فيه صناعاتها، ما يسمح لها مثلاً ببيع الفولاذ والألمنيوم بأسعار زهيدة. وتبنى الاتحاد الأوروبي أخيراً سلسلة جديدة من التعرفات العقابية وضعت على قياس الصين. ومع ذلك، يأمل مشاركون بأن «تحقق التعددية تقدماً ما في بوينس أيرس، على الأقل رمزياً في المفاوضات التجارية بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة السوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية» (ميركوسور - تضم الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي وباراغواي). وتفاءلت وزيرة الخارجية الأرجنتينية السابقة سوزان مالكورا، بإمكان التوصل الى اتفاق تجاري بعد 18 عاماً من بدء المحادثات. وقالت ل «فرانس برس»: «في ظروف يسودها تشكيك في التجارة العالمية، من الضروري أن تعلن سوقان كبيرتان كهاتين استعدادهما» للتوصل إلى اتفاق. لكن المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم، كانت ألمحت إلى أن المحادثات بين الطرفين «قد تستمر خلال عام 2018». وتتعثر المفاوضات التجارية بين الجانبين، حول قطاعي لحوم الأبقار والايثانول. ورأى ديبلوماسي أوروبي في بوينس أيرس، أن الخطاب الحمائي الأميركي سيكون له «تأثير محفز في المفاوضات حول الاتفاقات التجارية» التي تتجاوز الولاياتالمتحدة. وفي ما يمكن أن يؤكد ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي واليابان الجمعة الماضي، «إنجاز اتفاق كبير للتبادل الحر بينهما». وتُجرى مفاوضات أيضاً لإنعاش اتفاق للتبادل الحر لمنطقة آسيا المحيط الهادئ، الذي انسحبت منه الولاياتالمتحدة فجأة. وعلى رغم كل ذلك، يمكن أن يسفر اجتماع منظمة التجارة العالمية عن نتيجة. ففي مقابلة مع صحيفة سويسرية مؤخراً، قالت الديبلوماسية الأرجنتينية سوزانا مالكورا التي ستترأس محادثات بوينس أيرس، إن «الظروف تحققت لاتخاذ قرار أولي حول صيد السمك غير المشروع»، القضية التي تثير قلق عدد من الدول الناشئة والنامية.