ثلاثة أجيال متواصلة أسعدها وفي طريقه الى الرابع، ولا تزال الأجيال تتوارث جينات الضحك مع سمير غانم، فهو نبت فني عفوي طبيعي لم يدرس فن الأداء الدرامي ولم يجهد نفسه كثيراً في تعلم حرفة التمثيل بل انطلق كما هو وأحبه الناس كما هو... وهو كُرّم هذا العام من جانب مهرجان القاهرة السينمائي في دورته التاسعة والثلاثين... وفي هذا الإطار، قام المهرجان بإصدار كتاب عن حياته ومسيرته الفنية كتبه الناقد طارق الشناوي ويحمل عنوان «سمير غانم... إكسير السعادة». يقول الشناوي: «سمير غانم (80 عاماً) كان ولا يزال هو العنوان الأثير للارتجال الفني في عالمنا العربي كله في معناه الإيجابي، فهو قادر في لحظات على إضافة الكثير للشخصية التي يؤديها لتتحول إلى حالة نتعايش معها ونصدقها في كل تفاصيلها... فمن الممكن أن يقرأ على الورق «الشخصية» بأبعادها التقليدية ولكن ما يضمن لها النجاح ويحقق لها الانتشار هو التفصيلات التي يضعها باقتدار سمير غانم... فهو بلا شك واحد من القلائل الذين ستظل ضحكاتهم تؤنس حياتنا كلما شعرنا أننا في حاجة إلى ضحكة تغسل همومنا في هذا الزمان». ويضيف الشناوي في كتابه: «توجهت السينما إلى سمير غانم لأفلام عدة، وهو لا يفكر كعادته في التخطيط بل يعتمد على موهبته في اختراع المواقف الفنية في اللحظة ذاتها. وزاد من رصيده الجماهيري أنه يمثل مشاهده معتمداً على قدراته الخاصة في إثارة الضحك وإضافة تلك التفاصيل متكئاً على من بالبيت المصري والعربي من طريق شخصية «فطوطة» التي قدمها ضمن فوازير رمضان في التلفزيون المصري مع المخرج الراحل فهمي عبدالحميد، إذ أضفى سمير على الشخصية تلك الروح الخاصة بكل لمحاتها واخترع أداء صوتياً وحركياً مصاحباً للشخصية». ويوضح الشناوي أن سمير غانم بدأ حياته الفنية كأحد أعضاء فرقة «ثلاثي أضواء المسرح» والتي ضمت الى جانبه كلاً من جورج سيدهم والضيف أحمد وقدم الثلاثة معاً عدداً من الأفلام والإسكتشات ومنها إسكتش «كوتوموتو»، وعدداً من المسرحيات وبينها «طبيخ الملايكة» و «حدث في عزبة الورد» و «الراجل اللي أتجوز مراته» و «حواديت». لكن الفنان الضيف أحمد غادر الثلاثي مبكراً، إذ توفي عام 1970، واستمرت أعمال الثنائي غانم وسيدهم، وكان آخر عمل مسرحي لهما معاً هو مسرحية «أهلاً يا دكتور» عام 1981. كما شارك سمير غانم في بطولة أعمال درامية عدة، في المسرح (40 مسرحية) والإذاعة والتلفزيون (80 مسلسلاً) والسينما (160 فيلماً) وهو ينتمي إلى هذا النوع من الكوميديا «كوميديا دي لارتي» الارتجالية... ولكن سمير لا يستسلم أبداً لنجاح سابق ولا يعرف كيف يستفيد من الخطوات التي قطعها ليمنح نفسه نجاحاً أكبر بقوة دفع مسبقة فهو يمشي في الحياة الفنية باسطاً ذراعيه لا يمتلك عقلاً يدير موهبته بل يترك الموهبة تتحرك كما يحلو لها، ومن ينسي دوره في «صغيرة على الحب» أو «خلي بالك من زوزو» و «أميرة حبي أنا» و «يارب ولد». وفي الكتاب يورد الشناوي عدداً من الآراء حول سمير غانم تحت عنوان عام هو «قالوا عنه»: فيرى الفنان محيي إسماعيل أن سمير غانم مدرسة هو فيه المدرس والناظر والتلميذ. أما الفنانة شيرين التي قدمت معه أنجح وأشهر مسرحياتها «المتزوجون» فتقول عنه: «إنه ليس له شبيه فهو أستاذ لكوميديا ال Farse من دون منازع»، بينما رأت الفنانة ميرفت أمين أنه عطاء لا يفنى وكأنما وجد ليقدم لنا الكثير والكثير... وتعترف الفنانة إسعاد يونس إنه كان «وش السعد» عليها فهو لعب الدور الأكبر لتقديمها للحياة الفنية. إنه سمير غانم صانع الضحكة والبهجة... هو إكسير السعادة التي لا تغادر القلب.