فيما يبدو أنه في زمن الثورات العربية المتلاحقة لم يعد كافياً إغلاق مكاتب القنوات العاملة هناك، وسحب التراخيص من المراسلين العاملين فيها.. ولم يعد كافياً أيضاً ضرب صحافيين، وتهديد آخرين بالخطف، وخطف بعضهم فعلا ونصب الكمائن لجماعات منهم وأفراد وقتلهم مع سبق الإصرار والترصد، ظهر في المشهد الإعلامي أسلوب جديد وفريد من نوعه، هو «التشويش» على تلك القنوات ومحاولة منعها من الظهور، ولكن يبدو أن رقعة التخريب توسعت وطاولت بقراصنتها المواقع الإخبارية الإلكترونية التابعة لقنوات بعينها وحتى التي لا أم ولا أب فضائي لها، إذ تعرّض موقع «العربية نت» أخيراً إلى هجمة اختراق منظمة ومدربة من جهات مجهولة، مع تركهم رسالة تفيد بقرصنتهم للموقع، ما اضطر إدارته إلى وضعه خارج الخدمة موقتاً... قبل أن تتمكن من استعادته بعد ساعات وتركه قيد المراقبة الإلكترونية. ووصفت العربية في بيان صحافي (عقب اختراق الموقع مباشرة) عملية القرصنة « بالتخريب المتعمَّد والتعدّي المزدوج على حريّة الكلمة وحقوق المتصفّحين»، مؤكّدة في البيان نفسه «أن عملية القرصنة هذه تأتي بمثابة ردّ على أداء القناة المُحترف وغير المُنحاز بشكل عام، وخلال تغطيتها للأحداث الأخيرة في المنطقة بشكل خاص»، مشددة على «تمسّكها بالمعايير المهنية على الدوام واستمرار نهج القناة المتوازن وصدقيتها في نقل ما يدور من أحداث لجمهور الملايين في كل مكان، وذلك سواءً عبر شاشتها أو من خلال موقعها الإلكتروني. وأعتبر رئيس تحرير «العربية نت» الزميل داود الشريان اختراق الموقع «أمراً طبيعياً، ولا ينم عن هشاشة برامج الحماية الموضوعة له»، وقال ل «الحياة»: «مواقع كثيرة وكبيرة تتعرض للاختراقات، على رأسها موقع «البنتاغون الأميركي، فهل نحن أحسن حالاً منه؟». لافتاً إلى أن الاختراق طاول الصفحة الرئيسية من الموقع، ولم يفسد المحتوى الإلكتروني، أو يتلف الأرشيف». وكانت شاشة «العربية» قد تعرّضت خلال الشهر المنصرم لعمليات تشويش منظمة عبر القمر الصناعي نايل سات، مصدرها ليبيا، هدفت إلى حجب بثّ القناة، والحيلولة دون تمكن المشاهدين من متابعتها، مما دفع بالقناة لاستحداث ترددات جديدة وعديدة لها، مهددة بمتابعة الموضوع مع الجهات المعنيّة الموفّرة للبثّ الفضائي، كي تتمكن من تحديد الجهة المسؤولة عن التشويش وبالتالي ملاحقتها قضائياً، تلك الملاحقة التي لا يبدو بأن نائب رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام لمجموعة «إم بي سي» علي الحديثي متفائل بنتائجها، لكنه مصرٌ في الوقت نفسه على مضي المجموعة في طريق القضاء، وقال في حديث إلى «الحياة»: « قد يكون من الصعب جداً ملاحقة الجهات المسؤولة عن التشويش والتخريب في مثل تلك الظروف التي تمر بها تلك البلدان، ولكن سنبذل قصارى جهدنا لمقاضاتهم» وأكّد أن المجموعة لم تتعرض لأية أضرار مادية نتيجة لذلك التشويش، رافضاً تحميل قمر «نايل سات» مسؤولية التقصير «لأن السيطرة عليه خارجة عن إرادتهم، فهم أيضاً يعانون كما نعاني»، متمنياً أن تستخدم الأقمار العربية تقنيات عالية مثل المستخدمة في أوروبا وأميركا «التي تقف في وجه التشويش كطود عظيم». الصفحة الرئيسية لموقع «العربية نت» بعد إصلاحه.