أعتبرت واشنطن تهديد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر باستعادة نشاط «جيش المهدي» «تهديداً للديموقراطية والنظام السياسي الجديد في العراق»، مجددة انفتاحها على أي طلب من بغداد لتمديد بقاء قواتها بعد نهاية العام الحالي. وعلى رغم أن التصريحات العلنية لأقطاب الحكومة العراقية تتحدث عن جاهزية القوات والتزام بغداد الاتفاق الأمني الذي يقضي بانسحاب آخر جندي أميركي نهاية عام 2011، إلا أن الوقائع على الأرض تشير الى عكس ذلك، لا سيما أن العراق يفتقر الى منظومة الرادارات والى منظومة الدفاع الجوي والطيران الحربي والمروحيات لحماية أجوائه، ما يحتم على الحكومة إبقاء الأجواء في يد الجانب الأميركي أو تسليمها الى الحلف الأطلسي. وقال الناطق باسم السفارة الأميركية في بغداد ديفيد رانز إن بلاده ملتزمة تنفيذ الاتفاق الأمني و «ستسلم الأجواء الى الحكومة العراقية بحسب المادة 9 من الاتفاق»، لكنه أضاف أن «انسحاب القوات لا يعني انتهاء التزام واشنطن أمن واستقلالية وسيادة العراق». وزاد إن «واشنطن منفتحة على أي طلب من بغداد لتمديد بقاء القوات وهذا ما أكده وزير الدفاع روبرت غيتس وجيفري فيلتمان (مساعد وزيرة الخارجية) خلال زيارتهما بغداد»، مبيناً أنه «إذا لم تطلب بغداد ذلك فسيكون هناك مكتب للتعاون الأمني يشرف عليه من الجانب الأميركي سفيرنا في بغداد، وستكون مسؤوليته تأهيل وتدريب القوات العراقية». وتروج بعض الأطراف الحكومية والسياسية للموعد المزمع لانسحاب القوات الأميركية كأنه «يوم لجلاء القوات الأجنبية من البلاد»، لكن الأميركيين يتحدثون علانية عن إبقاء الآلاف من قواتهم، بالإضافة الى الشركات الأمنية لحماية طواقم السفارة التي يعمل فيها أكثر من 20 ألف ديبلوماسي وموظف، ناهيك عن مئات الموظفين في القنصليات التي ستتوزع على محافظات البصرة والموصل وكركوك واربيل فضلاً عن بعثة ديبلوماسية في كل محافظة عراقية لتطبيق «اتفاقية الإطار الإستراتيجي» بين البلدين. وهذه الطواقم تحتاج الى «20 أو 30 ألف عسكري ومئات المروحيات وعشرات الطائرات الحربية لحمايتهم». ورد رانز بعنف على تهديد الصدر ب «إعادة جيش المهدي الى العمل إذا تم تمديد بقاء القوات الأميركية»، معتبراً أنها «ضد الديموقراطية لأن مقتدى لا يمتلك سوى 40 مقعداً في البرلمان وهناك الغالبية المطلقة التي تخالفه الرأي وبالتالي فليس من الصحيح ولا من المنطقي بحسب المعايير الديموقراطية أن يفرض عليهم مقتدى ما يريد». وأشار الى أن «تصريحات الصدر تهديد للديموقراطية وللنظام السياسي في العراق وهذا غير مقبول تماماً». وتعتزم واشنطن إنشاء مراكز لتدريب القوات الأمنية العراقية في بغداد والبصرة واربيل، وهذا يشير بوضوح الى قواعد أميركية كبيرة في تلك المحافظات لأنها ستحتاج الى إبقاء جزء من قواتها بعدتها وعديدها في تلك المحافظة لإنجاز المهمة، لا سيما أن القوات الحالية التي يربو تعدادها على 50 ألف جندي يفترض أن تكون غير قتالية. وكثفت واشنطن جهودها الديبلوماسية المتمثلة في الزيارات المتعاقبة لثلاثة مسؤولين أميركيين بدأت بوزير الدفاع روبرت غيتس قبل أسبوعين، ثم جيفري فليتمان، ورئيس مجلس النواب جون بيان. وأعلن المسؤولون الثلاثة رغبة بلادهم في تمديد بقاء قواتها في بغداد بعد نهاية العام الحالي.