كثفت الولاياتالمتحدة ضغوطها على الصين لكبح كوريا الشمالية، بعد إطلاقها صاروخاً عابراً للقارات يطاول الأراضي الأميركية، وهددت بيونغبانغ ب «تدمير كامل» إذا «اندلعت حرب». لكن موسكو اتهمت واشنطن ب «استفزازها» لكي يخرج الزعيم كيم جونغ أون «عن طوره». ونشرت كوريا الشمالية عشرات من الصور وتسجيلاً مصوراً، بعد إطلاق الصاروخ «هواسونغ-15» الذي اعتبر كيم الثالث أنه «حقق أخيراً الهدف التاريخي العظيم باستكمال القوة النووية للدولة». وأظهرت الصور محركات صاروخية جديدة وتصميماً أكبر قد يقرّب كيم من هدفه بإنتاج رأس حربي نووي يطاول أي مكان في العالم، وإن لم يكن بالدقة الكافية بعد. وقال جوزف بيرموديز من «مشروع 38 نورث» المعني بمراقبة الدولة الستالينية (مقرّه واشنطن): «تواصل كوريا الشمالية تطوير صواريخها الباليستية العابرة للقارات، بأسلوب منهجي وعملي وتحقّق تقدماً تدريجياً». وأشار ناطق باسم رئاسة الأركان الكورية الجنوبية إلى أن «تحليلاً مبدئياً للصور يُظهر أن هناك اختلافات واضحة بين هواسونغ-15 وهواسونغ - 14، من حيث شكل الرأس الحربي والوصلة بين المرحلتين الأولى والثانية من الصاروخ والحجم الإجمالي». وأقرّ الرئيس الكوري الجنوبي مون جي - إن بأن الصاروخ هو الأكثر تطوراً في ترسانة بيونغيانغ، مستدركاً خلال اتصال هاتفي بترامب أن على الدولة الستالينية إثبات تفاصيل فنية. في السياق ذاته، يعتبر مسؤولون أميركيون أن كوريا الشمالية لم تثبت امتلاكها نظاماً للتوجيه الدقيق لصاروخ باليستي عابر للقارات، أو مركبة تعيد إدخاله الغلاف الجوي للأرض. لكن وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس باريل حذرت من أن أوروبا باتت في مرمى الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية، فيما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه «يعوّل على الصين وروسيا لفرض أصعب العقوبات وأكثرها فاعلية» على بيونغيانغ. وتطرّق ترامب الى زيارة مبعوث صيني بارز بيونغيانغ الشهر الماضي، إذ كتب على موقع «تويتر»: «يبدو أن المبعوث الصيني الذي عاد لتوّه من كوريا الشمالية لم يؤثر في رجل الصواريخ الصغير»، في إشارة إلى كيم الثالث. وأضاف: «يصعب تصديق كيف يتحمّل شعبه وجيشه العيش وسط ظروف مريعة». وكان الرئيس الأميركي سخر من كيم، إذ وصفه ب «جرو مضطرب». أما وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، فأقرّ بأن «الصينيين يفعلون الكثير»، واستدرك: «نعتقد بأنهم قادرون على القيام بعمل أكبر عبر النفط. ما نطلبه هو أن يضاعفوا خفض شحنات النفط. كانت تلك الوسيلة الأكثر فاعلية في المرة الأخيرة التي جلس فيها الكوريون الشماليون إلى طاولة المفاوضات». أتى ذلك بعد لقائه نظيره الألماني زيغمار غابرييل، الذي أعلن أن بلاده «ستخفّض مجدداً» طاقمها الديبلوماسي في كوريا الشمالية، في إطار «تعزيز الضغط الديبلوماسي» عليها. وكانت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي، اعتبرت أن بيونغيانغ «اختارت العدوان»، مشددة على أن «سلوكها بات لا يُطاق». وأضافت خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن أن الولاياتالمتحدة لم تسع إلى حرب مع كوريا الشمالية، وزادت: «إن أتت الحرب فسيكون ذلك بسبب استمرار الأعمال العدائية، وسيشهد النظام الكوري الشمالي دماراً كاملاً». ودعت كل الدول إلى قطع علاقاتها الديبلوماسية والتجارية مع كوريا الشمالية، وطرد عمالها، للتعامل معها بوصفها بلداً «منبوذاً». وحضت بكين على قطع إمدادات النفط لبيونغيانغ. وتجاهل ناطق باسم الخارجية الصينية سؤالاً في هذا الصدد، مكتفياً بتكرار أن بلاده تدعم قرارات مجلس الأمن وتسعى إلى إزالة السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رفض تصريحات هايلي، معتبراً أن «الضغوط بالعقوبات استنفدت نفسها». وأضاف: «يبدو أن التحركات الأخيرة للولايات المتحدة تستهدف عمداً استفزاز بيونغيانغ للقيام بأعمال متشددة. يبدو أنه تم فعل كل شيء للتأكد من خروج كيم جونغ أون عن طوره». وتابع في إشارة إلى الأميركيين: «إذا كانوا يريدون إيجاد ذريعة لتدمير كوريا الشمالية، فليقولوا ذلك مباشرة ولتؤكده القيادة الأميركية العليا». أما الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، فرأى أن «لا أسهل من قطع كل العلاقات مع كوريا الشمالية»، مستدركاً أن «القضية الفعلية هي كيفية التوصل إلى تسوية» للأزمة.