تحفظ «التحالف الكردستاني» بشدة عن توجهات الحكومة العراقية إلى إلغاء المحكمة الجنائية العليا التي شكلت لمقاضاة رموز النظام السابق، فيما قضت المحكمة بسجن وزير الخارجية السابق طارق عزيز 15 عاماً بعد أن كانت حكمت عليه مدداً تراوح بين العشر سنوات والإعدام في قضايا أخرى. وأصدرت المحكمة امس أحكاماً بحق كل من عضو القيادةِ القطرية في حزبِ البعث المنحل مزبان خضر هادي بالسجن خمسة وعشرين عاماً ووزير الداخلية في النظام السابق محمد زمام عبد الرزاق وقائد قوات الحرس ِالجمهوري آنذاك أياد فتيح الراوي بالسجن عشرين عاماً وطارق عزيز بالسجن خمسة عشر عاماً في قضية التطهير العرقي ضد الأكراد والأقليات. وأصدرت المحكمة أيضاً حكما بالسجن 20 عاماً على احد قادة الفيالق محمود الهزاع وقائد إحدى فرق الحرس الجمهوري قيس عبد الرزاق محمد في القضية، وحكماً آخر على وضاح مصطفى بالسجن خمسة عشر عاماً وسعدون شاكر محمود بالسجن 25 عاماً. وكان طارق عزيز حكم بالإعدام في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في قضية تصفية الأحزاب الدينية لكن الحكم لم ينفذ. وشكل المحكمة الجنائية عام 2003 مجلس الحكم بعد سقوط النظام لتكون مهمتها النظر في الجرائم ضد الإنسانية التي نفذها النظام السابق. ومن أبرز القضايا التي نظرت وبتت فيها المحكمة هي قضية الدجيل التي انتهت بإعدام الرئيس السابق صدام حسين، وقضية قصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي التي انتهت بإعدام علي حسن المجيد، وقضية الأنفال وتصفية الأحزاب الدينية وترحيل الكرد الفيليين، إضافة إلى قضية إعدام عدد من التجار العراقيين في التسعينات من القرن الماضي. وكانت وسائل إعلام نشرت قبل أيام قراراً حكومياً بإلغاء المحكمة الجنائية صدر عن لجنة ضمت رئيس المحكمة القاضي ناظم العبودي، ورؤساء الهيئات الأربع في المحكمة، وممثل رئيس الوزراء فاضل الجشعمي، ومدير الدائرة القانونية في مجلس الوزراء عباس الساعدي، إضافة إلى الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق. وقال القيادي في «التحالف الكردستاني» محسن السعدون ل «الحياة» امس إن «الأكراد يرفضون فكرة إلغاء المحكمة في الوقت الراهن لأن هناك العشرات ممن تختص المحكمة بمحاسبتهم ما زالوا طلقاء بالإضافة إلى وجود عدد من القضايا ضمن اختصاص المحكمة لم يبت بها حتى الآن». وأضاف أن «المحكمة تشكلت بموجب الدستور لمحاكمة أزلام النظام السابق المتورطين في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وهناك العشرات منهم لم يلق القبض عليهم حتى الآن وهم مشمولون بإجراءات المحكمة وبالتالي فإن التحالف الكردستاني يرى عملية إلغاء المحكمة غير صائب». وأوضح انه «في حال تم عرض مشروع قرار إلغاء المحكمة الجنائية على البرلمان فإننا سنناقش الموضوع ونبدي موقفنا الرافض». وتنص المادة 134 من الدستور على أن «تستمر المحكمة الجنائية بأعمالها بوصفها هيئةً قضائية مستقلة «. واعتبر المدعي العام في المحكمة الجنائية منقذ آل فرعون أن «إلغاء المحكمة يحتاج إلى إجراءات قانونية»، وأوضح في تصريح إلى «الحياة» أن «المحاكم التي تأسست بقانون يجب أن تلغى بقانون، لكن المحكمة الجنائية تأسست بموجب الدستور». وأضاف آل فرعون انه «في حال إلغاء المحكمة وما زالت هناك قضايا لم تحسمها يجب إجراء تعديل دستوري يوافق عليه البرلمان ومن ثم عرضه للاستفتاء الشعبي».