شددت القيادات الروحية الإسلامية في لبنان في ذكرى المولد النبوي الشريف على «الوحدة الوطنية والتضامن للخروج من الأزمة، وعدم التدخل في قضايا الأشقاء العرب». وفي رسالة بالمناسبة إلى اللبنانيين لفت مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى أن «من الأمانة للرسالة التي نتحملها بمقتضى الدين والأخلاق والوطنية، القول إن إخواننا العرب، وليس منذ الأزمة الأخيرة، يشكون مر الشكوى من إيذائنا، أو إيذاء فئة منا لأمنهم واستقرار بلدانهم، وسط الأحداث الطاحنة التي غصت بها منطقتنا العربية في السنوات الماضية. ولا يمكن القول إننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً إزاء ذلك، لأنه يفوق قدراتنا، فهذا القول غير صحيح وغير ملائم في تصرفات الأفراد، فكيف في تصرفات الدول؟». وأضاف: «إن الذي يتسبب بالضرر للآخرين، يكون عليه أن يتوقع نزول الضرر به هو أيضاً. كنا قررنا وبالإجماع، منذ عام 2011 النأي بالنفس أو الحياد إزاء ما يحدث بالجوار. وكان يمكن الالتزام به، ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى الالتزام الكامل بسياسة النأي بالنفس، حرصاً على أنفسنا وعلى وطننا، ولتقليل الأضرار إن لم يمكن دفع الضرر كله». وأشار دريان إلى «أننا مررنا بأزمة وطنية مقلقة بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، ونحن معه في ما يحاوله من إحداث توازن في السياسات الوطنية. وكما توحد اللبنانيون من حول الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هم موحدون اليوم من حول الرئيس الحريري للنهوض بالدولة وتفعيل مؤسساتها». ورأى أن «سياسة لا ضرر ولا ضرار هي من تمام الحكمة والعدل والمنطق التي ينبغي أن نعالج بها قضايانا، لتقوى وحدتنا الوطنية، ولكي لا يتعرض وطننا وأمننا وعيشنا للأخطار، نريد أن يكون لبنان آمناً مطمئناً مستقراً موحداً نائياً بنفسه عما يجري في المنطقة، وحذار من التدخل في قضايا غيرنا من أشقائنا العرب. يكفينا ما فيه وطننا من أزمات». وقال: «إننا نتوسم خيراً بالمشاورات التي أجريت وتجري في قصر بعبدا، والتي نأمل أن تظهر إيجابياتها في الأيام المقبلة، بانفتاح الجميع على التعاون، للخروج من الأزمة التي دفعت الرئيس الحريري إلى الاستقالة ثم التريث بها، إفساحاً في المجال للحوار، من أجل إنقاذ لبنان، بتفاهم وطني، يعيد استئناف عمل الحكومة، التي نحن بأمس الحاجة إليها، خصوصاً أننا على أبواب إجراء الانتخابات النيابية، التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر، لانتظام الحياة الدستورية في لبنان». بدوره وجه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان رسالة المولد النبوي وطالب فيها «قادة العرب والمسلمين بأن يحفظوا شعوبهم وبلادهم، ويتشاوروا ويتعاونوا لوقف الحروب ودعم الحوار وصولاً إلى إنتاج حل سياسي يحفظ شعوب هذه الدول ويعيد الأمن والاستقرار والسيادة إلى ربوعها. وعليهم أن يعيدوا بوصلة تحركهم باتجاه نصرة فلسطين وشعبها، للجم إسرائيل عن عدوانها والضغط عليها لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ودعم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». ودعا «السياسيين في لبنان إلى أن يحفظوا الاستقرار السياسي بعد الأزمة العابرة التي شهدها لبنان واستطعنا بفعل حكمة رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه بري وكل المخلصين أن نتجاوزها، وعلينا أن نبذل الجهد لدعم استقرار لبنان وتشكيل شبكة أمان تحمي لبنان من خلال تعميق التشاور والتواصل وإنجاز تفاهمات تضع مصلحة الوطن وشعبه فوق كل الاعتبارات، فلبنان يحتاج إلى مزيد من التضامن والتعاون بين بنيه بما يرسخ عيشنا المشترك ويحصن وحدتنا الوطنية، فننأى بوطننا عن الفتن والفوضى وشر المتربصين بلبنان الذي أنجز أعظم الانتصارات على الإرهابين التكفيري والصهيوني بفعل تمسكه بالمعادلة التي حفظت لبنان وشعبه وجنبته الأخطار والتهديدات ودفعت عنه النكبات والويلات، وعلى الحكومة أن تضع في أولويات عملها إنجاز الاستحقاق الانتخابي بعد إنجاز القانون الجديد للانتخابات بما يحقق العدالة في التمثيل». إلى ذلك رأى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن في رسالته أن «في لبنان اليوم، يجب أن يتشبع الحوار بروح العدل وبقوة الإرادة، وبشائر هذه الروح تجلت في حكمة القيادات، وتأنيها، واستدراكها السريع للأخطار الكبرى التي تواجه بلدنا، الوفي لكل أشقائه الذين ما بخلوا يوماً في حرصهم على سلامة لبنان بكل بنيه، بلدنا الذي دفع طيلة عقود من تضحيات جسام في الساحة الحقيقية للمعركة بتصديه للعدو الإسرائيلي». وقال: «نحن على يقين بأن معظم قياداته السياسية المشاركة في المشاورات التي يجريها رئيس البلاد سوف تجد الصيغة التي بها يحفظ لبنان وشعبه، وينأى به عن أخطار الأزمات الإقليمية الراهنة».