أعلن أمس في صنعاء تأسيس تكتل سياسي مستقل باسم «كتلة العدالة والبناء»، ليكون نواة حزب سياسي جديد في إطار الترتيبات السياسية على الساحة اليمنية، لمرحلة ما بعد حكم الرئيس علي عبدا لله صالح، والتعامل مع احتمالات انهيار حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، على غرار ما حصل في مصر وتونس. وفيما اعتبر مراقبون ان الوساطة الخليجية في اليمن تواجه صعوبات بعد الاجتماع غير الحاسم الذي عقد في الرياض اول من امس بين وزراء خارجية مجلس التعاون والمعارضة اليمنية التي تتمسك بتنحي الرئيس، استمرت التظاهرات في مدن يمنية عدة مطالبة برحيل علي صالح. وقال القيادي في المعارضة محمد الصبري لوكالة «فرانس برس» ان «المعارضة نجحت في شرح وجهة نظرها حول الرحيل الفوري للرئيس» خلال الاجتماع، مضيفا انه «يتعين على دول الخليج ان تفهم بان بقاء علي عبدالله صالح في الحكم يهدد استقرارها». لكن وكالة «رويترز» نقلت عن وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي، على هامش مؤتمر حول القرصنة في دبي «ان اجتماع الرياض هو بداية العملية وليس نهايتها». واكد القربي ان هذه العملية «ستقود في النهاية الى انتقال للسلطة في اليمن»، مشيرا الى ان اجتماعا سيعقد قريبا بين الحكومة اليمنية والوزراء الخليجيين. وفي عودة الى التكتل اليمني الجديد الذي تأسس تحت شعار «نحو بناء دولة مدنية حديثة أساسها الحرية والعدالة والمساواة «، فهو يضم وزراء في حكومة تصريف الأعمال الحالية وقياديين في حزب المؤتمر الشعبي وأعضاء في مجلسي النواب والشورى كانوا قدموا استقالاتهم من الحزب الحاكم خلال الأسابيع الماضية . وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة في صنعاء أن التكتل يحظى بمباركة أميركية وأوروبية، رغم أن السلطات اليمنية رفضت منح مؤسسيه ترخيصاٌ بإقامة احتفال التأسيس أمس في أحد فنادق العاصمة، ما اضطرهم إلى إقامته في منزل أحد مؤسسيه. وهذا ما أكده أبرز قيادات التكتل محمد علي أبو لحوم الذي استقال أخيرا من عضوية اللجنة العامة القيادية في الحزب الحاكم، بقوله في خطاب الإشهار «إن الأجهزة الأمنية رفضت منح المؤسسين ترخيصاً لإشهار التكتل في فندق... ما جعلنا مضطرين إلى الإعلان عنه في مكان آخر». ومن المرجح أن يتولى أبو لحوم رئاسة الهيئة العليا للتكتل والتي ستتولى الترتيبات السياسية لاستكمال إجراءات وخطوات المرحلة الانتقالية التي تمهد لإعلانه حزباٌ سياسياٌ. وأكد الناطق باسم التكتل النائب المستقيل من الحزب الحاكم عبد العزيز جباري أن هذا التكتل نواة لحزب يضم كل فئات المجتمع اليمني. ونفى أن يكون التكتل بديلا للحزب الحاكم أو لأي حزب آخر، مؤكدا «أننا سنكون تكتلاً سياسياً وسطياً يؤمن بالتعددية السياسية وحرية الرأي والوسطية كون الوطن والساحة السياسية بحاجة لمثل هذا الكيان». وكان أبو لحوم دان في كلمته ما وصفه ب «الأعمال الإجرامية التي تعرض لها شباب الثورة في صنعاء وبقية المحافظات»، مؤكدا ان « إشهار التكتل يأتي للإسهام مع كافة القوى السياسية والاجتماعية وفي الساحات لبناء مجتمع مدني تسوده مبادئ المساواة والعدالة والقانون» ، متمنياً أن «يكون هذا التكتل مساهما في درب الثورة وخطاها لكي يحقق ما يطالب به كافة الشعب اليمني ويضمن لهم الحياة الكريمة الآمنة». في موازاة ذلك، تتواصل الاحتجاجات المناوئة للرئيس اليمني في أغلب المدن اليمنية. وشهدت محافظات تعز وصعدة والحديدة مسيرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من المحتجين، في حين أكدت مصادر طبية في محافظة الحديدة إصابة أكثر من 80 من المتظاهرين بجروح، خمسة منهم في حال خطرة، على ايدي رجال الشرطة. وقالت مصادر محلية أن قوات الأمن رشقوا المسيرة التي خرجت من ساحة الاعتصام وجابت شوارع المدينة، بالحجارة، وقاموا بضرب المحتجين بالهراوات، إلى جانب إطلاق الرصاص الحي عليهم بهدف تفريقهم. وأشارت المصادر أن أربعة أشخاص من المحتجين أصيبوا بالرصاص الحي المباشر.