توصلت المشاورات الماراتونية التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، مع رؤساء الأحزاب والكتل النيابية، إلى حصيلة تحتاج إلى مزيد من الاتصالات، وقد تشكل أساساً لاتفاق سياسي يُخرج لبنان من أزمته السياسية بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، ثم تريّثه في تقديمها بناء لطلب عون إعطاء فرصة من أجل إيجاد صيغة تضمن النأي بالنفس عن صراعات المنطقة وحروبها، وهو الشرط الذي على أساسه استجاب الحريري لطلب عون. (للمزيد) وقالت مصادر رسمية ل «الحياة» إن عون استمزج آراء القيادات التي التقاها في العناوين الآتية: ضمان الاستقرار السياسي والتزام اتفاق الطائف وتطبيق النأي بالنفس والعلاقة مع الدول العربية. وأوضحت المصادر أن المشاورات انتهت إلى تفاهم على صيغة تحتاج إلى استكمال الاتصالات حولها، لا سيما في شأن «حدود النأي بالنفس وهامشه»، وسيواصل رئيسا البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري المشاورات حولها خلال وجود الرئيس عون في إيطاليا بدءاً من الأربعاء حتى الجمعة. وذكرت مصادر معنية ل «الحياة» أن الرئيس بري سيقوم باتصالات مع «حزب الله» في شأن الصيغة المتعلقة بالنأي بالنفس. وأعلنت الرئاسة اللبنانية بعدما توّج عون المشاورات بلقاءين منفردين مع كل من بري والحريري وآخر ثلاثي معهما، أن الهدف منها كان «البحث في سبل معالجة الأوضاع التي نشأت عن إعلان الحريري استقالة الحكومة ثم تريثه في المضي بها بناء على طلب فخامة الرئيس». وأوضح بيان للمكتب الإعلامي في الرئاسة أنه «تم خلال المشاورات طرح المواضيع التي هي محور نقاش بين اللبنانيين، بهدف الوصول إلى قواسم مشتركة تحفظ مصلحة لبنان وأمنه واستقراره ووحدة أبنائه». وأشار البيان إلى أن عون عرض مع بري والحريري نتائج هذه المشاورات «التي كانت إيجابية وبنّاءة، وتوافق خلالها المشاركون على النقاط الأساسية التي تم البحث فيها، والتي ستعرض على المؤسسات الدستورية بعد استكمال التشاور في شأنها إثر عودة فخامة الرئيس من زيارته الرسمية إلى إيطاليا». وتوزعت مواقف الفرقاء الممثلين في الحكومة، إضافة إلى حزب «الكتائب» من خارجها، على توجهات عدة. وركز عدد من ممثلي الكتل النيابية على التزام البيان الوزاري للحكومة الحالية (يتحدث عن تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية) وضرورة إحياء عملها وعودة الحريري إلى ترؤس اجتماعاتها. وبينما أكدت كتلتا «التنمية والتحرير» (حركة أمل) و «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) على تطابق الآراء مع رئيس الجمهورية، طالب آخرون بتحديد المقصود بالنأي بالنفس وتعريفه. وفيما دعا رئيس «الكتائب» سامي الجميل إلى الحياد وطرح موضوح «السلاح في الداخل» باعتباره أساس المشكلة، مستغرباً أن يقتصر البحث على تدخلات «حزب الله» في الدول العربية، اعتبر رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط أن إثارة موضوع السلاح الآن غير مجدية، داعياً إلى الاكتفاء بتطبيق النأي بالنفس. واقترح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع صيغة على طريقة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم» بالنسبة إلى السلاح على رغم أنه مطروح، بأن «يكون القرار العسكري والأمني بيد الدولة، لا سيما أن حزب الله موجود في الدولة». ورأى أن النأي بالنفس «يعني الخروج من أزمات المنطقة». وكان إجماع على دور الرئيس عون في معالجة الأزمة. وقالت مصادر عدة ل «الحياة» إن إرجاء استكمال المشاورات إلى ما بعد عودة عون من سفره يدل على أن هناك أموراً عالقة تتطلب المزيد من الاتصالات، خصوصاً أن إشارة البيان الرئاسي إلى أن أي صيغة ستطرح على المؤسسات الدستورية، تحمل تفسيراً بأنه إذا كان هناك من تعديل أو إضافة على البيان الوزاري للحكومة، فإن الأمر يحتاج إلى إقراره في مجلس الوزراء ومن ثم في البرلمان. كما رجحت هذه المصادر ل «الحياة» أن يكون الرؤساء الثلاثة ينتظرون نتائج الاتصالات الخارجية الجارية مع الجانب الإيراني كي يسهل الصيغة التطبيقية لمبدأ النأي بالنفس وابتعاد «حزب الله» من التدخلات في عدد من الدول العربية. ولخصت مصادر مطلعة على نتائج المشاورات حصيلتها بالقول إن «المدعوين إلى الوليمة حضروا جميعاً، لكن الطعام لم يكن جاهزاً بعد».