عندما فاز الأميركي- المصري أحمد زويل بجائزة نوبل للكيمياء في 1999، عن اختراع كاميرا بإمكانها العمل على مستوى فيمتو ثانية (كسر من ألف من التريليون من الثانية) Femto second، تفاءل كثيرون بأنها تستطيع خدمة بحوث السرطان. والمعنى المقصود، أنها تقدر أن تلتقط التحوّل الأول في عملية انتقال الخلية من الحال الطبيعية إلى الوضع السرطاني. لم يحدث هذا الأمر لحد الآن، وفي تصريح حديث له، بيّن زويل أن فيلماً يصوّر الجينات الوراثية في الخلية، ربما احتاج ما يزيد عن السنة للتفرّج عليه، ما يزيد من صعوبة استعمال كاميرا الفيمتو ثانية في ملاحقة الأورام الخبيثة. وبات نافلاً القول بأن بحث الزويل عن الفيمتو ثانية يندرج في إطار الصعود المتواصل لعلم النانوتكنولوجيا Nanotechnology، الذي يتعامل مع المادة (والزمن) على مستوى النانو، وهو جزء من البليون من الشيء. في المقابل، نجح فريق علمي في «معهد ماساشوستس للتقنية» أخيراً، في استعمال أنابيب النانو Nanotubes ل «إلقاء القبض» على خلايا السرطان، حتى لو تعلّق الأمر بخلية خبيثة مُفردة. ويشير تعبير «أنابيب النانو» إلى نوع من التراكيب التي تتألف من ذرات تتراصف ضمن مسافة تقاس بكسر من النانومتر، أي جزء من المليون من الملليمتر. في هذا الصدد، صرّح البروفسور برايان واردل، من «معهد ماساشوستس للتقنية»، أن فريقه توصّل لصنع أنابيب نانو مُكوّنة من ذرّات الكربون يمكن توجيهها كي تتعرّف الى خلايا السرطان، ثم تلتصق بها، حتى لو لم يزد عدد هذه الخلايا عن خلية مُفردة. وأشار واردل إلى ان هذا الأمر يرفع من كفاءة علاجات السرطان، لأنه يعطي الأطباء القدرة على التدخّل في مراحل مبكّرة من هذا المرض القاتل. وذكّر واردل بأن تسعين في المئة من وفيات السرطان تحصل بسبب التشخيص المتأخر للأوارم الخبيثة، خصوصاً في العالم الثالث. وبيّن أن الفريق عمل على تطوير أداة صنعها الفريق عينه قبل 4 سنوات. إذ تتكوّن هذه الأداة من عشرات الآلاف من أنابيب السيليكون المنبثّة في وسط مائع. ويحتوي هذا الوسط أيضاً على أجسام مُضادة لخلايا الورم السرطاني. والمعلوم أن جسم الإنسان عموماً يقاوم السرطان، ويُكوّن أجساماً مناعية مُضادة تحاول قهره. وغالباً ما لا تنجح هذه الأجسام في مهمتها، لكنها تعطي مؤشراً الى حدوث السرطان. وتتميّز هذه الأجسام المُضادة بالتخصّص، بمعنى أنها لا تلتصق إلا بالخلايا السرطانية التركيب. ومع التطوير الذي أنجزه فريق «معهد ماساشوستس» أخيراً، جرى استبدال الكربون بالسيليكون، ثم «رُبِطَت» مع الأجسام المُضادة لخلايا السرطان. والمعلوم أن العلماء ينظرون إلى الكربون باعتباره من اللبنات الأساسية في الكائنات الحيّة، لأنه العنصر الأساسي في تركيبة المواد العضوية. النتيجة؟ تذهب الأجسام المُضادة إلى الخلايا السرطانية في صورة حصرية، وتلتصق بها، حاملة إليها أنابيب النانوكربون. وإذ تُطوّق هذه الأنابيب خلايا الورم الخبيث، يصبح من السهل عزلها عن الخلايا السليمة، ثم إخراجها من الجسم. ولأن أنابيب النانوكربون تتخللها الكثير من المساحات الفارغة، يتدفق الدم خلال هذه الأنابيب، وليس خارجها كما الحال مع السيليكون، ما يزيد من قدرتها على ملاحقة خلايا السرطان. وأخيراً، أوضح واردل أن كثيراً من العلماء قد يستفيدون من هذا الإنجاز كي يصنعوا أدوات مُشابهة تستعمل للبحث عن فيروس الإيدز في الجسم، والتقاطه وعزله، ثم إخراجه من الجسم. يمكن العثور على مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع في موقع إلكتروني متخصّص في بحوث النانوتكنولوجيا هو «نانوتك-ناو. كوم» nanotech-now.com.