كشفت السلطات المصرية أمس، أن جهاز الاستخبارات العامة أوقف عناصر في «شبكة تخابر» تعمل لمصلحة تركيا، من ضمن أهدافها، وفق بيان صادر عن مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، التخطيط لاستيلاء جماعة «الإخوان المسلمين»، المصنفة إرهابية، على السلطة، بمعاونة من عناصر أمنية واستخباراتية تركية، وتجنيد عناصر لتنفيذ عمليات عدائية داخل البلاد. وأوقفت السلطات 29 متهماً، فيما بقية العناصر فارة داخل مصر وخارجها. وتمثل هذه القضية أحدث حلقات التصعيد بين القاهرة وأنقرة منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في تموز (يوليو) من عام 2013، وإطاحة جماعة الإخوان من الحكم بعد تظاهرات شعبية عارمة أيدها الجيش. ودأب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وصف «ثورة 30 يونيو» ب «الانقلاب العسكري»، وطالما هاجم الحُكم الجديد في مصر. وتؤوي تركيا أبرز قيادات جماعة الإخوان و»الجماعة الإسلامية» وأسماء بارزة في جماعة «الجهاد»، وكلها شخصيات مُلاحقة قضائياً في مصر. وتبادل البلدان طرد السفراء في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2013. وأمر النائب العام المصري المستشار نبيل صادق بحبس 29 متهماً لمدة 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات التي تجرى بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا، لاتهامهم وآخرين فارين داخل البلاد وخارجها، ب «التخابر مع دولة تركيا»، بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، والانضمام إلى «جماعة إرهابية»، وتمرير المكالمات الدولية بغير ترخيص، وغسل الأموال المتحصلة من تلك الجريمة، والإتجار في العملة بغير ترخيص. وأوضح بيان لمكتب النائب العام أن نيابة أمن الدولة العليا بإشراف المستشار خالد ضياء الدين المحامي العام الأول للنيابة باشرت تحقيقات في ما رصدته وكشفت عنه تحريات «الاستخبارات العامة» من اتفاق عناصر تابعة ل «أجهزة الأمن والاستخبارات التركية» مع عناصر من تنظيم الإخوان الدولي، على وضع مخطط يهدف إلى «استيلاء جماعة الإخوان على السلطة في مصر» عن طريق إرباك الأنظمة القائمة في مؤسسات الدولة المصرية بغية إسقاطها. وكشفت التحقيقات والتحريات أن المتآمرين اتخذوا لتحقيق أغراضهم محورين، الأول يقوم على تمرير المكالمات الدولية عبر شبكة المعلومات الدولية باستخدام خوادم في تركيا تمكنهم من مراقبة وتسجيل تلك المكالمات لرصد الأوضاع السلبية والإيجابية داخل البلاد وآراء فئات المجتمع المختلفة فيها وجمع المعلومات عن مواقفهم من تلك الأوضاع، وذلك بالاستعانة بالعديد من أعضاء تنظيم الإخوان وآخرين مأجورين داخل البلاد وخارجها، وهم يعلمون أغراض هذا المخطط. وتبين من التحقيقات أن المحور الثاني تمثل في محور إعلامي يقوم على إنشاء كيانات ومنابر إعلامية تبث من الخارج تعمد إلى توظيف كل ما يصل إليها من معلومات وبيانات، لاصطناع أخبار وإشاعات كاذبة لتأليب الرأي العام ضد مؤسسات الدولة. وتوصلت تحريات الاستخبارات العامة إلى أن الأموال التي تدرها عمليات تمرير المكالمات الدولية غير المشروعة، تستخدم في تأسيس تلك الكيانات الإعلامية، كما رصدت التحريات «تسريب معلومات» من خلال التنصت على المكالمات الممررة إلى جهات «الاستخبارات التركية» لاستغلالها في «تجنيد» عناصر داخل البلاد لارتكاب «أعمال عدائية» بها. وأذنت النيابة العامة بتسجيل ما يجريه المتهمون من محادثات تليفونية ولقاءات ومراسلات على مدار شهور متتالية كشفت عن حلقات من هذا المخطط والمشاركين فيه، كما أماطت اللثام عن شركات عديدة استُخدِمَت ستاراً لغسل الأموال المتحصلة من تمرير المكالمات التلفونية، تمهيداً لإمداد جماعة الإخوان بها لتمكينها من تنفيذ مخططاتها ضد الدولة المصرية. وتبين من عملية التسجيل المأذون بها من النيابة، وجود عناصر التجريم للأفعال التي أتاها المتآمرون، وفق ما وصفته القوانين العقابية المصرية، فبات لزاماً على أجهزة التحقيق المصرية وضع حد لتلك الأنشطة المؤثمة قانوناً. وقامت نيابة أمن الدولة العليا بضبط المتهمين وتفتيش مساكنهم والعديد من المقار التي اتخذوها لممارسة أنشطتهم المؤثمة، وتم ضبط أعداد من أجهزة تمرير المكالمات الدولية، وأجهزة إرسال واستقبال الموجات الكهرومغناطيسية ومحطات النانو التي تستخدم في توصيل تلك الأجهزة بشبكة المعلومات الدولية بسرعات فائقة، وأعداد من أجهزة الحاسب الآلي مشغل عليها برامج تستخدم في المراقبة والتحكم في تلك الأجهزة عن بعد، وأجهزة تجسس منها آلات تصوير وتسجيل صغيرة ومتناهية الصغر. وأكدت نيابة أمن الدولة العليا أنها توالي تحقيقاتها في القضية وستُصدِر بيانات متتابعة عما يستجد من وقائع ويتفق ومصلحة التحقيقات. وشددت على أن «موجبات الأمن القومي المصري توجب عدم الخوض بالتفسير والتحليل لوقائع تلك القضية وتحقيقاتها» وطلبت من الجميع الامتناع عن ذلك، منعاً للمساس «بالمصلحة العليا للدولة المصرية». وأيدت محكمة جنايات القاهرة قرار النائب العام بمنع 16 من المتهمين في قضية التخابر مع تركيا، من التصرف في أموالهم وممتلكاتهم كافة والتحفظ عليها، لاتهامهم بالإضرار بالمصالح القومية للبلاد والانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمرير المكالمات الدولية بغير ترخيص وغسل الأموال المتحصلة من تلك الجريمة، والاتجار في العملة بغير ترخيص.