الجامعة العربية لم تعد هي الجهة الأكثر اهتماماً بما يدور في الوطن العربي، إذ على الساحة العربية تجري أحداث كثيرة وكبيرة والجامعة العربية مغلقة أبوابها، والمسؤول الأول فيها، الأمين العام للجامعة عمرو موسى، منشغول بما يدور في الشارع المصري، وما يخطط له للظفر بموقع قيادي من العائد على شباب مصر، القادة الحقيقيين للثورة، إذ أعلن ترشحه للمنافسة على منصب رئيس مصر. غابت الجامعة العربية عن كل الأحداث التي دارت وشملت دولاً عدة، لدرجة أنني اعتقدت أن الأمين العام للجامعة أقفل مقرها وغادر لقضاء ما يهمه بعد أن انتهت فترة عمله فيها، وبعد أن تأكدت أنه لا يزال في موقعه سلمت أن هذا هو الأسلوب الذي درجت عليه بعض القيادات العربية، وهو الإهمال وعدم المسؤولية عند قرب نهاية مسؤوليتها. الآن هموم الأمة ليس لها مكان لتبحث فيه، والجامعة العربية والعاملون فيها لا أدري على أي يابسة يعيشون، أما الأمين العام للجامعة فالمؤكد أنه في مصر يتنقل بين المراكز السياسية ليشهد منافع له. الآن اتضح لي أن الجامعة العربية لم تدرك مسؤوليتها الحقيقية، فالعالم العربي الآن وبشكل عاجل بحاجة ماسة لمن يقول له بتلك المسؤولية والتفكك العربي لن يعطي لأي دولة مساحة لتتحرك لدعوة القادة العرب. الجامعة العربية وإمكاناتها المتاحة لدعوة وزراء الخارجية العرب ودرس الأوضاع والخروج بموقف يخول لها دعوة القادة العرب لتبني موقف عربي موحد، فالظروف الراهنة، خصوصاً الليبية، بحاجة إلى موقف عربي جاد، خصوصاً بعد أن بدأت قوات التحالف تنفيذ مهامها الموكلة إليها من مجلس الأمن، وظهور بوادر أن قدرات القذافي لم تتأثر من الضربات الجوية بالشكل الذي يشل حركتها، وهذا ما صرح به قادة قوات التحالف، وتؤكده الفعاليات المستمرة لقوات القذافي على الأرض. موقف الشعب الليبي يزداد خطورة بعد أن أصبح تفكير قوات التحالف يتجه إلى القول بأن سلامة المواطنين الليبيين، ووقف قوات معمر القذافي من الاستمرار في القتل، بحاجة إلى قوات أرضية لتتعامل مع قوات القذافي على الأرض. وهذا مؤشر خطر يدعوني إلى التوجه إلى جامعة الدول العربية لأسألها ما المبادرة التي يمكن طرحها لنسبق أي قرار دولي يخول قوات التحالف استخدام قواته البرية؟ خصوصاً أن هذه الرغبة لقوات التحالف أصبحت واضحة، ولسنا بحاجة لمن يقول بغير ذلك، ولهذا أمامنا الآن أحداث في غاية الخطورة نتائجها ازدياد قتل المدنيين، والمتوفر على الأرض من الإمكانات المتاحة للثوار ليس لديه القدرة على ردع قوات القذافي الأرضية. المؤكد أن وضع كهذا لا يمكن استمراره، علماً بأن قرار مجلس الأمن عُني باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين الليبيين. الآن اتضحت الصورة أن قوات التحالف نجحت في جزء من المهمة وهو تطبيق الحظر الجوي، إلا أن الجزء المهم لم يتحقق وهو حماية المدنيين من الهجمات الأرضية، فقوات القذافي المسلطة على المدن عبارة عن دبابات ومدفعية وصواريخ، ليس بمقدور الثوار مواجهتها، وكذلك لم تقم قوات التحالف بتدميرها في مواقع تجمعها، وهذا هو الشق الذي بحاجة إلى التعامل معه، ولكن ما الآلية التي يمكن بلورتها لحماية المدنيين؟! ما أراه الآن أن دخول قوات برية إلى ليبيا لمواجهة قوات القذافي لحماية المدنيين أصبح ضرورة حتمية، ولحساسية الوضع بالنسبة لأي قوات برية يمكن دخولها إلى ليبيا، أرى أن تبادر جامعة الدول العربية بدعوة وزراء الخارجية العرب لمناقشة تشكيل قوة برية عربية بقرار عربي لدخول ليبيا قبل أن تبادر قوات التحالف إلى تشكيل قوة برية لدخول ليبيا وتزداد الأمور تعقيداً من دخول قوات برية أجنبية، وللتأكيد فالموقف ينذر بما هو أسوأ، المهم الآن الوضع الليبي في غاية الخطورة، ومجلس الأمن اتخذ قراره، والحاجة ملحة لوجود قوات برية لحماية المدنيين وردع قوات معمر القذافي البرية، فإذا لم تواجه بقوات لردعها فستحدث خسائر فادحة في الشعب الليبي، فالرجل لم يعد يهمه شيء. والأكثر أهمية أن تدرك الجامعة العربية أن أي قوة برية غير عربية لن يكون مرحباً بها، فهل سنرى تحركاً إيجابياً عربياً وسريعاً؟ فالوقت يمضي والخسائر تزداد. [email protected]