أجمع المشاركون في مؤتمر مجموعة الاتصال السياسية حول ليبيا على ضرورة تعزيز الدعم لحماية المدنيين الليبيين، وحمّلوا نظام العقيد معمر القذافي مسؤولية انتهاك حقوق الشعب الليبي. ودعوا في بيانهم الختامي إلى وقف فوري لكل الهجمات على المدنيين وقالوا إنه يتحتم على القذافي الرحيل، في تبن واضح لمطلب الثوار. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الإيطالية إن الاجتماع المقبل لمجموعة الاتصال الذي يناقش مستقبل ليبيا سيعقد في إيطاليا خلال الأسبوع الأول من أيار (مايو). ورأس اجتماع مؤتمر الدوحة أمس كل من بريطانيا وقطر وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وممثلين لأكثر من 20 دولة ومنظمة دولية. ورأى نائب أمير قطر ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لدى افتتاحه المؤتمر، أن مأساة الشعب الليبي ليست كارثة طبيعية بل هي ناجمة عن وضع سياسي وعن قرارات سياسية، وأن قرارات مجلس الأمن والجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية في شأن ليبيا ليست قرارات إغاثة للمنكوبين وإنما هي قرارات سياسية أيضاً. ورأى أن اجتماع الدوحة يهدف إلى تحديد نقطة محورية للاتصال والتعاون بين الشعب الليبي والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى دعم الشعب الليبي في إيجاد الظروف السياسية التي تمكّنه من تقرير مصيره بما في ذلك شكل النظام السياسي الذي يرتئيه، وهذا يعني فعل ما يلزم «لتمكين الشعب الليبي من الدفاع عن نفسه لكي يقرر مستقبله بنفسه». ودعا إلى إيجاد منتدى للمناقشات الدولية لإقرار وتقديم المساعدات للشعب الليبي ما يتطلب التحرك السريع وفقاً للموقف على الأرض نظراً إلى أن كل يوم يمضي يعني المزيد من الضحايا المدنيين الأبرياء من جراء استخدام ترسانة حربية كاملة ضد الشعب الليبي الأعزل. ولفت إلى أن دولة قطر «انطلاقاً من واجبها تجاه الشعب الليبي الشقيق سارعت بتقديم المساعدات الإنسانية وشاركت في الجهد العسكري لحظر الطيران، كما قامت بنقل العديد من المواطنين من رعايا الدول العربية الذين تعذّرت عليهم العودة إلى أوطانهم (في إشارة ضمنية إلى سودانيين ومصريين)، كما اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلاً شرعياً للشعب الليبي». وأعرب عن أمل القيادة القطرية ممثلة في أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بأن يحقق الاجتماع ما يعين الشعب الليبي «على الخروج من محنته القاسية والمخاطر الجسيمة التي يتعرض لها من دون ذنب اقترفه سوى التطلع إلى الحرية والمطالبة بحقوقه المشروعة في حياة كريمة ومستقبل أفضل». وقال «إننا أمام مأساة إنسانية لشعب ووجه بالأسلحة الثقيلة كأنه خصم في حرب وهو يتعرض لخطر وجودي». وأكد أن الاجتماع يهدف إلى «تحديد نقطة محورية للاتصال والتعاون بين الشعب الليبي والمجتمع الدولي، ودعم الشعب الليبي في إيجاد الظروف السياسية التي تمكّنه من تقرير مصيره، بما في ذلك شكل النظام السياسي الذي يرتئيه، وهذا يعني فعل ما يلزم لتمكين الشعب الليبي من الدفاع عن نفسه لكي يقرر مستقبله بنفسه ... فقط هكذا يمكن حماية المدنيين في ليبيا». وقال: «نحن في سباق مع الزمن وكل يوم يمضي يعني المزيد من الضحايا المدنيين الأبرياء من جراء استخدام ترسانة حربية كاملة جمعت بأموال الشعب الليبي ولا تستخدم ضد عدو خارجي بل ضد الشعب الليبي الأعزل». وشدد على أنه حان الوقت لتمكين الشعب في ليبيا من الدفاع عن نفسه وحماية أرواح المدنيين. وقال إن الثوار الليبيين هم مدنيون حملوا السلاح دفاعاً عن انفسهم في ظروف صعبة من عدم التكافؤ و«يجب أن يتم هذا بموازاة الدعم الإنساني والسياسي لهذا الشعب». ولفت إلى أن «البعض يحاول الآن أن يخطب ود الدول الغربية على حساب تشويه صورة شعبه وبقية الشعوب العربية بالادعاء أن البدائل هي إما القمع والتعسف والاستبداد وإما التطرف الديني». وقال إن من المؤسف أن الأنظمة التي يفترض أن تفاخر بشعوبها أمام العالم تقوم بتشويه صورة شعبها لكي تستمر في حكمه. بان كي مون وشدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمته في افتتاح اجتماع الدوحة، على ضرورة أن «نتكلّم بصوت واحد»، وذلك في وقت تظهر فيه تباينات بين الحلفاء الغربيين حول الاستراتيجية التي يتعين تبنيها بالنسبة إلى ليبيا. وعن الوضع الإنساني، قال الأمين العام إنه «في أسوأ الحالات، قد يحتاج حتى 3.6 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية». أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ فقال في مستهل اجتماع مجموعة الاتصال في شأن ليبيا: «ينبغي .. أن نمضي قدماً سريعاً لضمان أن الدول التي ترغب في دعم المجلس الوطني الانتقالي ليسدد نفقات القطاع العام يسعها أن تفعل ذلك بشكل يتسم بالشفافية». وقال: «آمل بأن نتفق على وضع آلية مالية موقتة في المنطقة لمصلحة المناطق التي يسيطر عليها المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا». ودعا هيغ المشاركين في اجتماع الدوحة إلى «مواصلة الضغط على نظام القذافي عبر تطبيق قرار مجلس الأمن وتطبيق العقوبات (...) والقول بوضوح إنه يتعيّن على القذافي أن يرحل». وأوضح المجلس الوطني الانتقالي، من جهته، أنه لا يسعى من خلال اجتماعات الدوحة إلى الحصول على أسلحة. وأوضح علي العيساوي وزير خارجية المجلس الانتقالي للصحافيين أن التسلح ليس أولوية. وقال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إن بلاده لم تعد تربطها علاقات مع الحكومة في غرب ليبيا الذي ما زالت أجزاء منه تحت سيطرة الزعيم الليبي معمر القذافي. وأضاف للصحافيين: «لا تربطنا علاقات مع غرب ليبيا». أما وزير خارجية ألمانيا غيدو فسترفيلي الذي يشارك في اجتماع الدوحة فأكد للصحافيين أنه لن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية وأنه يتعين على الزعيم الليبي أن يتنحى. وقال: «لا نرى حلاً عسكرياً في ليبيا» بل «نرى حلاً سياسياً». وأكد أن بلاده «مستعدة لدعم العمل الإنساني لمصلحة شعب ليبيا». وخلص إلى القول أن «على القذافي أن يتنحى، لا مستقبل له في ليبيا». وفي خصوص الصندوق المزمع إقامته من أصول مجمدة لمساعدة المعارضة الليبية، شدد وزير ألماني على ضرورة أن تكون هذه الخطوة قانونية. وصرح وزير ألماني إلى الصحافيين: «السؤال هو هل هذا قانوني.. الإجابة هي أننا لا نعلم. نحن بحاجة لمعرفة من هم ملاك المال وهذا أمر يجب علينا مناقشته». وكان مسؤول إيطالي قال في وقت سابق إن وزراء الخارجية المجتمعين في الدوحة يبحثون سبل إقامة صندوق من الأصول المجمدة ذات الصلة بالزعيم الليبي معمر القذافي لمساعدة المعارضة. وشدد الأمين العام للحلف الأطلسي (الناتو) أندرس فوغ راسموسن مجدداً على عدم وجود حل عسكري لليبيا. وقال للصحافيين: «نأمل بأن يساهم هذا الاجتماع في تسهيل التوصل إلى حل لليبيا وبالطبع ليس هناك حل عسكري». وخلص إلى القول «علينا أن نطلق عملية سياسية». وقال وزير الخارجية البلجيكي ستيفن فاناكيري على هامش اجتماع الدوحة إن قواعد الأممالمتحدة تحول دون تسليح المعارضين في ليبيا. وأجاب رداً على سؤال للصحافيين عما إذا كان تسليح المعارضين خياراً: «لا منطق من تسليح المدنيين وفقاً لقرار الأممالمتحدة 1973». في غضون ذلك (أ ف ب)، أكد مسؤول الإعلام في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام أن المجلس قبل ب «معظم أجزاء» المبادرة التي تطرحها تركيا على اجتماع مجموعة الاتصال في الدوحة الأربعاء، لكنه يطالب بتعديل فقرة لتنص بوضوح على رحيل معمر القذافي. وقال شمام للصحافيين إن «المبادرة التركية قبلنا معظم أجزائها» لكن «هناك فقرة تشير إلى «تحقيق تطلعات الشعب الليبي» ونحن نريد أن نحدد بدقة ما هي تطلعات الشعب الليبي فهذه كلمة عامة». وأضاف أن «أي مبادرة ليس فيها مغادرة القذافي لن ننظر إليها بجدية». وذكر شمام أن «خريطة الطريق» التركية تختلف عن خريطة الطريق الأفريقية و «فيها عناصر كثيرة جيدة لكن نقطة اختلافنا مع الأتراك هي في عدم تحديد ما هي تطلعات الشعب الليبي المشروعة بوضوح». وكان مصدر ديبلوماسي تركي أكد أن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو سيعرض خلال اجتماع مجموعة الاتصال حول ليبيا خطة سلام أعدتها تركيا لحل الأزمة الليبية.