وجهت النيابة العامة أمس تهمة «التحريض على قتل متظاهرين» إلى الأمين العام للحزب الوطني الحاكم سابقاً صفوت الشريف، غداة حبسة 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجري معه بتهمة الفساد المالي، فيما فُض اعتصام في ميدان التحرير أمس، واعتقلت الشرطة العسكرية مجموعة من المشاركين فيه. وتجمع أشخاص في ملابس مدنية ظهر أمس في ميدان التحرير وبدأوا في إزالة الأسلاك الشائكة والحواجز التي وضعها المعتصمون الذين يقدر عددهم ببضع مئات، ثم تبادلوا التراشق بالحجارة مع المعتصمين، قبل أن تنتشر قوات الشرطة والشرطة العسكرية في الميدان وتعتقل عدداً من المعتصمين، بينهم الناشط في «الجمعية الوطنية للتغيير» أسامة مشرف. وعادت الحركة المرورية إلى طبيعتها رغم الاختناقات التي حدثت نتيجة للتزاحم. وأصدر «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» بياناً على صفحته في موقع «فايسبوك» وجه فيه «تحية إعزاز وتقدير لجهود الناشطين وشباب الثورة التي أدت إلى إعادة فتح ميدان التحرير وإعادة الحياة إلى طبيعتها». وأعلن «ائتلاف شباب الثورة» قيامه بمحاولة لإقناع المعتصمين بإخلاء الميدان، موضحاً أن «هذا الموقف لا يأتي اعتراضاً على مبدأ الاعتصام، لكنه محاولة لقطع الطريق على محاولات شق صف الثوار، وتوحيد الجهود إلى حين تدشين فعالية قوية يتم الترتيب لها في اتجاه الضغط لتحقيق مطالب الثورة». وأعلن تنظيم تظاهرة الجمعة المقبل للضغط باتجاه محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك وأفراد عائلته ومطالب أخرى في مقدمها إقالة المحافظين وحل المجالس المحلية. وخضع أمس صفوت الشريف للتحقيق بتهمة «التحريض على قتل المتظاهرين» في ميدان التحرير يوم 2 شباط (فبراير) الماضي، فيما عرف إعلامياً باسم «معركة الجمل»، بعد يوم من حبسه على ذمة التحقيقات التي يجريها معه جهاز الكسب غير المشروع بتهم «الفساد والتربح واستغلال النفوذ». ووجهت النيابة إلى الشريف تهم «التخطيط بطريق الاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين، بالاشتراك مع عدد من قيادات الحزب الوطني، وتكوين جماعة إجرامية لتنفيذ مخطط إجرامي ضد المتظاهرين، وتكدير السلم العام، وترويع الآمنين حيال تظاهرهم السلمي، والتسبب في قتل وإصابة عدد منهم»، كما واجهه قاضي التحقيق بتقريري لجنة تقصي الحقائق والطب الشرعي في الواقعة. ومثّل قرار جهاز الكسب غير المشروع أمس بحبس الشريف، على ذمة تحقيقات ب «الفساد المالي والإثراء»، بداية النهاية لرجل امتلك قدرة لافتة على البقاء في إطار الأنظمة المتعاقبة والانحناء لتقلبات الزمن. وقضى الشريف الذي كان يرأس مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) ليلته الأولى في سجن مزرعة طرة (جنوبالقاهرة)، بعدما أمر رئيس جهاز الكسب غير المشروع عاصم الجوهري في ساعة متقدمة من ليل الاثنين - الثلثاء، بحبسه على ذمة التحقيق الذي يجرى معه بتهم التربح والفساد واستغلال النفوذ وتحقيق ثروات من طرق غير مشروعة. وكان الجهاز استمع إلى أقوال الشريف على مدى أكثر من 12 ساعة، في شأن تضخم ثروته وأملاكه العقارية من فيلات وقصور وأراض، وقدم بعض المستندات التي تثبت ملكيته لعدد من هذه العقارات، ونفى تحقيقه كسباً غير مشروع. لكن التحقيقات أظهرت أن «الشريف تعمد إخفاء تلك الثروات الوليدة من جريمة الكسب غير المشروع بإدخالها ضمن عناصر ذمة زوجته إقبال محمد عطية وأولاده الثلاثة إيهاب وأشرف وإيمان وأحفاده، وهو ما أثبتته التحقيقات وتقارير الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة التي أشارت إلى امتلاكهم الكثير من الفيلات والشركات والسيارات الفارهة، ما يسيء إلى سمعة الوظيفة العامة ويعد فساداً وإهداراً لكل القيم يتعارض مع ما يفترض في الموظف العام من الأمانة والنزاهة». وقال المستشار الجوهري في بيان إن «الشيطان استحوذ على الشريف وزين له شهوة جمع المال الحرام مستغلاً سلطات وظيفته ونفوذه وراء تكوين هذه الثروات من دون مشروعية، غير مهتم بمشاكل أو هموم أبناء الشعب الذين عاشوا يصارعون من أجل الحصول على لقمة العيش». ونُقل الشريف إلى سجن طرة ليلحق بمجموعة من زملائه في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، أبرزهم رئيس ديوان الرئاسة زكريا عزمي ورئيس الحكومة السابق أحمد نظيف، إضافة إلى عدد من الوزراء وكبار قيادات الشرطة والحزب الوطني، فيما ينتظر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة استقبال السجن نفسه مزيداً من رجال النظام السابق. وبالتزامن مع التحقيقات مع الشريف، أرجأت محكمة جنوبالقاهرة النظر في دعوى حل الحزب الوطني إلى جلسة 7 حزيران (يونيو) المقبل، للإطلاع على المستندات. وتطالب الدعوى بحل الحزب وتسليم مقاره للحكومة وتجميد أرصدته، «عقاباً له على الفساد الذي استشرى في البلاد بسبب سياساته». من جهة أخرى، قرر نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل أمس إعادة تشكيل «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، وأعاد تكليف الدكتور بطرس غالي برئاسة المجلس، على أن يضم في عضويته السفير أحمد حجاج والدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتور اسكندر غطاس وانعام محمد علي وجورج اسحاق وحازم منير وحافظ أبو سعدة والدكتورة درية شرف الدين والدكتور سمير مرقص والدكتورة سهير لطفي والدكتور ضياء رشوان والمستشار عادل عبدالحميد والمستشار عادل قوره والدكتور على السلمي والدكتور عمرو الشوبكي والدكتور عمرو حمزاوي ومحسن عوض والمستشار محمد أمين المهدي والفنان محمد صبحي والمستشار محمود أبو الليل والدكتورة منى ذو الفقار والسفيرة ميرفت التلاوي ونادية مكرم عبيد وناصر أمين ويوسف القعيد.