أظهر المجلس العسكري الحاكم في مصر أمس عصاه الغليظة تجاه رجال النظام السابق، بعد التظاهرات الحاشدة المطالبة بمحاكمتهم. فبعد دقائق من بث تسجيل صوتي للرئيس السابق حسني مبارك نفى خلاله الاتهامات له ولعائلته بالفساد، أمر النائب العام باستدعائه ونجليه علاء وجمال للتحقيق معهم في اتهامات ب «التورط في قتل المتظاهرين» و «الفساد». ودارت عجلة الملاحقة القضائية لرجال النظام السابق بسرعة، فلحق رئيس الحكومة السابق أحمد نظيف بمجموعة من زملائه السابقين في الحكومة، في سجن مزرعة طرة (جنوبالقاهرة)، بعدما أمرت النيابة أمس بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات معه بتهمة الفساد وتبديد أموال عامة. كما قرر جهاز الكسب غير المشروع حبس وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان 15 يوماً على ذمة التحقيق معه بتهمة «استغلال المنصب لتحقيق ثروة». وحبست النيابة أيضا القيادي في «الحزب الوطني» الحاكم سابقاً ماجد الشربيني بتهمة التورط في الهجوم الذي استهدف المتظاهرين في ميدان التحرير في 2 شباط (فبراير) الماضي فيما سمي ب «معركة الجمل»، وزميله في الحزب رجل الأعمال الشهير إبراهيم كامل «لضلوعه وعدد من رجاله في تدبير أحداث الشغب والاعتصام في ميدان التحرير فجر السبت الماضي». ويمثل الأمين العام للحزب رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف اليوم أمام جهاز الكسب غير المشروع للتحقيق معه في تهم «الفساد المالي والتربح»، على أن يتم التحقيق معه غداً أمام النيابة في قضية «معركة الجمل». وأبدى مبارك استعداده للتعاون مع النائب العام بالتوقيع على أوراق لطلب التحقق من أرصدته في الخارج، لكنه لم يُشر إلى استعداده للمثول أمام النيابة. ونفى في شدة امتلاكه أرصدة أو ممتلكات خارج مصر، ملوحاً بأنه سيقاضي «كل من تعمد النيل مني ومن سمعتي ومن سمعة أسرتي في الداخل والخارج». وجاء الرد على الكلمة سريعاً ولافتاً، إذ أمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود باستدعائه ونجليه علاء وجمال فوراً للتحقيق معهم في شأن اتهامات تتعلق ب «ارتكابهم لجرائم الاعتداء على المتظاهرين السلميين العزل»، وكذلك «الاستيلاء على المال العام واستغلال النفوذ والحصول على عمولات ومنافع من صفقات مختلفة»، مشدداً على أن كلمته «لن تؤثر في مسار التحقيقات التي تجريها النيابة». إلى ذلك، اعتبر الأمين العام للجامعة العربية الذي أعلن عزمه خوض انتخابات الرئاسة عمرو موسى أن قضية التوريث «أضاعت مبارك». وأكد في مقابلة مع «الحياة» (نصها ص5) أن «غالبية المصريين رفضت هذا المشروع». واتهم مبارك خلال السنوات العشر الأخيرة من حكمه ب «الطمع في السلطة»، معتبراً أنه حين بدأ مسلسل توريث الحكم إلى نجله جمال «ضاع كل شيء». في غضون ذلك، تواصلت ردود الفعل على سقوط قتيل و71 جريحاً خلال فض الجيش اعتصاماً في ميدان التحرير فجر السبت الماضي. وأعلن «ائتلاف شباب الثورة» تعليق الحوار مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهدد بالدخول في اعتصام بدءاً من الأسبوع المقبل، إذا لم يتم التحقيق في الأحداث والإفراج عن المعتقلين فيها وتقديم رؤوس الفساد إلى التحقيق. ووقع أربعة من المرشحين المحتملين للرئاسة هم موسى ومحمد البرادعي وحمدين صباحي وهشام البسطاويسي، ومجموعة من الشخصيات العامة بياناً أكد «وحدة الشعب والجيش الذي انحاز للثورة وتحمل المسؤولية عن حمايتها ورفض أن يلوث تاريخه بدم الشعب»، لكنه شدد على «حق الجماهير في التعبير السلمي» واعتبر أن «مواجهة هذا الحق بالعنف والرصاص واسالة الدماء خطر لا يمكن قبوله». ودعا إلى «الإسراع في محاكمة رموز النظام الذي أسقطته الثورة والقضاء على ذيوله ممن يقودون مؤامرة الوقيعة والفتن بين الشعب والجيش».