كشف خبراء عالميون متخصصون في مكافحة الإرهاب، أن الحرب على التنظيم الإرهابي «داعش» تمر خلال الأشهر القليلة المقبلة بمرحلة «محورية»، مشيرين إلى تآكل «جغرافية» التنظيم وانهيار هياكله الإدارية والفكرية والإعلامية. جاء ذلك خلال اللقاء الأكاديمي الأخير للخبراء العالميين في مكافحة الارهاب، الذي نفذته مراكز البحث والدراسات في جامعة كنغز البريطانية وشاركت فيه حملة «السكينة» التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، إذ استعرضت الحملة خلال مشاركتها في اللقاء المنعقد في جامعة الملك بلندن تجربتها كإحدى التجارب العالمية الفاعلة في تعزيز الوسطية وإزالة الشبهات والتصدّي للأفكار والمناهج المنحرفة المؤدية إلى العنف والغلو. وكشفت الحملة السعودية المتخصصة بمحاربة الإرهاب والتي بدأت عملها في محاربة الغلو والتطرف والتصدي للإرهاب قبل أكثر من 15 عاما عن توجه التنظيم الإرهابي الذي أعلن خلافته المزعومة في 29 حزيران (يونيو) 2014 إلى تغيير استراتيجياته في القيادة والعمليات وذلك بعد انهيار إداراته الإعلامية والفكرية، مؤكدة خلال اللقاء الذي جمع متحدثين دوليين ذوي خبرة في المحتوى الجهادي العنيف على الإنترنت بهدف نشر ما قام به العلماء والممارسون من مختلف أنحاء أوروبا والشرق الأوسط في التصدي للإرهاب أن جغرافية «داعش» بدأت في الانهيار، إذ أعلن رئيس التنظيم أبوبكر البغدادي في تسجيله الصوتي الأخير جزءاً من ذلك، كما أنه سلّم القيادة العليا لمجلس شورى. وأوضحت الحملة خلال اللقاء: «أنه وفقاً لمداولات مؤكدة بين الإرهابيين، فإن واقع الضغط على «داعش» سيدفعه في النهاية إلى التغيير، مشيرة إلى أهمية فرض التغيير على التنظيم الإرهابي من دون الوقوع في الخطأ الذي ارتُكِب مع المرحلة التي مر بها تنظيم القاعدة الأم بعد مقتل الزعيم ابن لادن، إذ دخل في مرحلة مشابهة لما يمر به «داعش» الآن، لافتة إلى الفرق وهو كون تنظيم القاعدة اختار مسارات التغيير وتراجع ليحافظ على مُكوّناته الأساسية، ما أدى إلى عوته مجددا في بعض مناطق العالم. وأكدت الحملة أن الأشهر القريبة ستشهد ظهور الملامح للشكل الجديد «للمشهد الإرهابي»، مشددة على ضرورة منعها من اختيار مساراتها الجديدة، وذلك لضمان عدم عودتهم مستقبلا أو تشكّلهم جماعات عنيفة جديدة، مؤكداً أن ذلك لا يتم إلا بالتعاون والتشبيك الدولي والتعاون مع المراكز والمؤسسات المجتمعية الناشطة في المجال الفكري والإلكتروني، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة وبعد الإعلان عن نهاية «داعش» في مناطقه الأساسيّة يجب أن تكون بداية لحرب فعليّة فكريّة ومنهجيّة، واصفة إياها بالمرحلة «الوقائية»، مؤكدة أن الإعلان عن الانتصار الجغرافي على التنظيم الإرهابي لا يعني نهايته، لكونه مشروعاً أكثر من كونه تنظيماً أو جماعة، محذرة أن العالم سيعاني من ذلك المشروع إذا لم يتم التعامل معه بشكل جادّ وجذري، مشيرة إلى أن انحسار «داعش» يعني الرجوع إلى تكوين خلايا اجتماعية متقاربة. يذكر أن التنظيم الإرهابي «داعش» فقد أخيراً معظم المناطق التي استولى عليها في كل من العراق وسورية، وذلك بشكل تتابعي بعد أن تحررت الموصول كليا من التنظيم الذي جعلها مركزا أساسا منذ ثلاثة أعوام، كما سقط التنظيم الإرهابي من منطقة رواة آخر منطقة يسيطر عليها في العراق، والواقعة في صحراء الأنبار الغربية على الحدود مع سورية. وكان «داعش» شن في 2014 هجوماً واسعاً استولى خلاله على ما يقرب من ثلث مساحة العراق ونحو نصف مساحة سورية، لكنه أجلي من غالبية الأراضي التي كان يسيطر عليها، كما تسعى القوات العراقية والسورية على جانبي الحدود الى تضييق الخناق عليه في آخر مربع له في وادي الفرات الصحراوي الذي ينحصر من دير الزور إلى راوة.