من الطبيعي ان يفرح كل مصري بما حققته الثورة البيضاء من نتائج لم تكن متوقعة، فمن كان يتصور أن تنجز الثورة التي قادها الشباب ما أنجزته في ثمانية عشر يوماً كانت دماء الشباب الشهداء هي أغلى ثمن تم دفعه الى جانب المصابين الذين تعدوا السبعة آلاف مصاب، فما عجزت عنه مصر خلال ثلاثة عقود حققه ثوارها خلال هذه المدة الوجيزة كان يتصور أن يتزحزح الرئيس حسني مبارك عن عرشه الذي ورثه بالصدفة. هل بعد ما حدث من تخريب متعمد وممنهج لأقسام الشرطة، وبعض المحاكم ومؤسسات الدولة وبعد عمليات السرقة والنهب التي طاولت اغلب المصريين والترويع والتخويف والبلطجة العلنية من دون خوف من رادع ولا عقاب وبعد حالة الخوف والرعب التي عاشتها كل الأسر المصرية باختلاف طبقاتها وانتماءاتها والتي وصلت الى الخوف من السير في الشوارع في وضح النهار والخوف من إرسال الأولاد الى المدارس خوفاً من البلطجية... بعد كل هذه المعاناة والتعب وشظف العيش، هل يصلح أن يحاكم جميع أركان نظام الحكم البائد بالطريقة نفسها والقوانين نفسها التي تدير العمل بجهات التحقيق وما يشوبها من بطء التحقيقات وإجراءات التقاضي وصولاًَ الى التسويف والمد والإطالة وألاعيب المحامين الذين يتفننون في طلب التأجيل ثم الدخول في إجازات الموسم القضائي، وهكذا دواليك من دون أن نرى نتيجة سريعة وملموسة لما بذله الشعب من تضحيات في ثورته المجيدة. المصريون لن ينتظروا الى ما لا نهاية ولن ينتظروا سنوات قد تطول ليعرفوا مصير أموال البلد المسروقة. لن ينتظر الشعب الذي عانى ممارسات الظلم والقهر والتعنت والتهميش التي كانت تتقنها كل القيادات الفاسدة. لا أقول كل القيادات كانت فاسدة وظالمة ولكن الكثير منها كان كذلك. الناس تريد أن تجني ثمار ثورتنا النظيفة الناعمة التي أجبرت العالم كله على الانحاء لمصر والمصريين على ما فعلوه من نموذج يحتذى في العمل الثوري والفكر التنظيمي.