من حق المصريين أن يقلقوا على بلدهم.. فهذا ديدن كل الوطنيين الذين يريدون الخير لبلدانهم، ويصيبهم القلق والهم إن هم شعروا بأن الأوضاع لا تسير حسب ما يأملون. تفجرت الثورة في مصر في 25 يناير، التي بدأت عفوية وسلمية، بعد استجابة الشباب لنداءات الوسائط الاجتماعية (الفيسبوك والتويتر) واستوطن الشباب ساحة التحرير لترجمة مطالبهم التي تعاطف الجميع معها، واستطاع المليون شاب الذين اعتصموا بساحة التحرير أن يعبروا عن تطلعات الثمانين مليون وأكثر من المصريين. طبيعياً أن تواجه ثورة الشباب بمقاومة من الذين أفسدوا كل شيء في مصر وليس الحياة السياسية، وجرت محاولات لإجهاض الثورة ولكن الشعوب عندما تتجاوز نقطة الخوف لا يمكن إعادتها إلى حالة السكون والاستكانة، ولهذا تصاعدت ثورة الشباب ووجدت دعماً حتى من الكهول وأصبح من الصعب اعتراض طريق الشباب رغم حدوث بعض التجاوزات إلا أن مثل هذا يحصل في كل عمليات التغيير، خاصة إذا كان هذا التغيير عفوياً مثلما حصل في مصر. عمليات اعتراض الثورة أو لنقل إجهاضها لم تتوقف وإن عجز البلطجية وخيل السياحة وجمال الهرم في إجهاضها، فهناك (بلطجية السياسة) الذين لهم ألف طريقة وطريقة لسرقة الثورة والانحراف بها إلى طريق لا يخدم أهداف الشباب والتغيير الإيجابي الذي يسعون إليه. إلا أنه وحتى أساليب وطرق البلطجة السياسية لا يمكن أن تجهض إصرار شعب يؤمن بالتغيير الإيجابي ويعمل لتحقيق أهدافه، ولهذا فالذي يراقب المشهد المصري، السياسي وحراك المجتمع يرى مقاومة إيجابية وفعالة للتصدي لمحاولات تفريغ ثورة الشباب من أهدافها والنأي بالثورة عن الطريق الذي يسعى الشباب والخيرون إلى أن تكون مصر عليه. من يقرأ ما يسطره الكتاب المصريون ومن يتابع الحوارات التي تجري بين ساسة مصر ومفكريها يطمئن على أن مصر بخير حتى وإن حصلت بعض الانتكاسات والتراجعات، إلا أن عجلة التغيير تواصل الدوران ولن تتوقف حتى تتحقق أهداف (الغلابة) الذين فجروا الثورة وكانوا وقودها الذي لا يمكن أن ينضب لأن الشعب المصري شعب حي، حتى وإن صبر طويلاً على الضيم إلا أنه وبعد أن ذاق طعم الحرية والكرامة فلن يعترض طريقه أحد.