لم تكن الجلسة النيابية الخامسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية امس مختلفة عن سابقاتها، وتكرر المشهد النيابي، فلا نصاب ولا انتخاب، اذ إن ظروف تظهير الصورة النهائية للاستحقاق الرئاسي لم تنضج بعد على رغم اللقاءات المتعددة والاتصالات المتسارعة لإنجاز هذا الاستحقاق التي لم تؤد الى الاتفاق على ترشيح اسم جديد للرئاسة. لكن الجديد ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي رفع الجلسة لعدم اكتمال النصاب، لم يحدد موعداً للجلسة المقبلة، كما في المرات السابقة، وأبقى على الجلسات مفتوحة، وأبلغ النواب عبر الامين العام للمجلس عدنان ضاهر ان الجلسة مفتوحة حتى انتهاء ولاية الرئاسة. وعندما يتوافر اي جديد سيوجه الدعوة فوراً لعقد جلسة لانتخاب الرئيس. وقالت مصادر نيابية ل «الحياة» ان «إبقاء الجلسات مفتوحة لا يعني تحديد موعد لواحدة، فهي مرهونة بتوافر معطيات جديدة إيجابية». وكان دخل الى القاعة العامة للجلسات 75 نائباً من نواب 14 آذار و «اللقاء الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط، وكتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري. فيما حضر الى اروقة المجلس نواب من «التيار الوطني الحر» من دون ان يدخلوا الى القاعة لتأمين النصاب الذي يتطلب ثلثي اعضاء المجلس، اي 86 نائباً. وكان بري اجرى سلسلة مشاورات في مكتبه بدأها مع نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، ثم مع جنبلاط، فرئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة، تلاها اجتماع حضره اضافة الى بري رئيس الحكومة تمام سلام والرئيسان السنيورة ونجيب ميقاتي، ليلتقي بعد رفع الجلسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري والنائب سمير الجسر وتركز البحث حول المخرج المناسب لإنقاذ الرئاسة الاولى من الفراغ الدستوري. وعقد لقاء مطولاً مع النائب سامي الجميل تناول الموقف من الاستحقاق الرئاسي، ومرحلة ما بعد 25 ايار (مايو) الجاري وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية. وجدد بري الدعوة الى عقد جلسة تشريعية في 27 الجاري لاستكمال درس وإقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب في ظل ما يتردد عن وجود رأيين حول مقاطعة سياسية لجلسات التشريع في المجلس ما لم ينتخب رئيس جديد للبلاد، وفق ما رشح عن اللقاء. وتحدثت المعلومات عن ان التعاطي مع الشغور الرئاسي سيواجه بموقف مسيحي موحد، اذ لن يحضر النواب المسيحيون اي جلسة تشريعية، ما خلا استثناءات قد تسجل بصورة فردية. وأشارت مصادر بري الى ان «في حال شعوره ان أياً من الكتل المسيحية الوازنة لن يحضر الجلسة التشريعية، فلن يعقدها، لأن الاستحقاق اليوم أهم من اي عمل تشريعي آخر». وفي هذا السياق، لفت الوزير اكرم شهيب الى «اننا سندخل في 25 الجاري بشغور في الرئاسة ولا أتوقع اي نتائج سريعة خلال ال 48 ساعة المقبلة لإنجاز الاستحقاق». سجال قواتي- عوني... ميثاقياً وفور الإعلان عن إرجاء الجلسة، تسابق نواب من كتلتي «القوات اللبنانية»، و «التغيير والاصلاح» الى قاعة الصحافة لعقد مؤتمرات صحافية غلب عليها الطابع السجالي حول الميثاق والنصاب القانوني للجلسات، اعقبت مواقف اطلقها نواب 14 آذار، انتقدوا فيها تعطيل النصاب، أما نواب 8 آذار و «التيار الحر» فشددوا على ان المقاطعة من صلب العمل الديموقراطي. وفيما دافع آلان عون عن الميثاقية»، كشف «أن التكتل سيصدر بياناً الاثنين المقبل يوضح فيه كيفية تعاطيه مع مرحلة الفراغ الرئاسي سواء في الحكومة أم في المجلس النيابي». ودعا كل الكتل النيابية إلى «الخروج من المواقف المتصلبة والجامدة، لأن من شأن ذلك ان يحول دون التقدم نحو انتخاب رئيس»، لافتاً إلى ان «من الضروري التقدم نحو الوفاق من خلال الخروج من المواقف المتصلبة التي لا تنتج رئيساً». ولفت ابراهيم كنعان، الى ان «دستورنا توافقي ومسألة التوافقية تعني التشدد في موضوع النصاب والتصويت، وعندما ترى جماعة او كتلة ان حقوقها او حضورها مهدد يمكنها اتخاذ موقف كهذا»، معتبراً انه «لن يُنتخب مرشح من دون تأمين اكثرية موصوفة». وفي المقابل، رأى جورج عدوان ان «على رغم كل المحاولات ومساعي رئيس المجلس لم نستطع ان ننتخب رئيساً قبل 25 أيار». ولفت الى ان «البعض يطرح ان الميثاقية حتمت ألا يتأمن النصاب بمعنى انه عندما يكون رئيس الجمهورية لا يمثل المكون الذي هو منه، فهناك انتقاص للميثاقية»، سائلاً: «هل عدم تأمين النصاب يصب في خانة الميثاقية ومجيء رئيس قوي؟». واعتبر انه «اذا لم نؤمّن النصاب الذي يصب في خانة عدم تأمين الميثاقية، فإن الموقع الاول للمسيحيين سيصبح فارغاً، وبالتالي لا يمكن التصرف وكأن شيئاً لم يكن ولا نستطيع التشريع». المثالثة تنسف المناصفة والطائف وأعلنت ستريدا جعجع، انه «للمرة الخامسة نأتي الى المجلس، ولسوء الحظ لا تؤمّن مجموعة من النواب النصاب لأنها تعتبر انه إما ان تأتي هي بالرئيس الذي تريده او لا رئيس». وقالت: «المؤسف ان البعض يتحدث بأسلوب ديموقراطي، فما هذا الأسلوب الديموقراطي الذي يمارس اليوم في لبنان عندما يدعو الرئيس بري خمس مرات، ويعلن عن جلسات مفتوحة، وبالنتيجة لا يحضرون كي يمارسوا دورهم الوطني». واعتبرت ان المثالثة التي طرحها العماد عون أمس،» تنسف المناصة واتفاق الطائف وما تكلم عنه موضوع خطير جداً وهو يذكرنا بالترويكا أيام الوصاية السورية». وعن لقاءات باريس، قالت: «لسوء الحظ، بعض وسائل الإعلام التابعة للتيار الحر أخذ «لا إله» وترك «إلا الله». ورجلان على مستوى الشيخ سعد الحريري والحكيم، نحن لم نضع، وهما لم يضعا فيتو على الأسماء، إنما وضعا فيتو على البرامج الرئاسية. ومن هذا المنطلق طرح اسم الجنرال عون كما طرحت أسماء أخرى، والكلام الذي قيل انه إذا وصل أي شخص من هذه الأسماء، فهل سيكون حاملاً للمشروع السياسي الرئاسي الذي طرحناه في 14 آذار». ورأى المرشح لرئاسة الجمهورية هنري حلو ان «رسالتي رئيس الجمهورية ميشال سليمان والبطريرك بشارة الراعي بالأمس رمتا المسؤولية الكبيرة على المجلس النيابي، ولدينا 72 ساعة قبل الوصول الى الفراغ وندخل فعلاً في المجهول». وقال: «علينا كنواب ان نكون فعلاً على قدر هذه المسؤولية، ولكن المشهد الذي رأيناه اليوم أصبحت نتائجه معروفة، الانقسام الذي أوصلنا فعلاً الى تعطيل النصاب، والحل الوحيد لا يكون إلا بانتخاب رئيس يحاور الجميع ومقبول من الجميع». حماده: الأزمة طويلة ولفت عضو «اللقاء الديموقراطي» مروان حمادة، الى «اننا مقدمون على توديع الرئيس ميشال سليمان ومستمرون في السؤال ماذا بعد الشغور في الرئاسة وما مصير الحكومة والمجلس النيابي؟». وقال: «شعوري وأنا خارج من المجلس النيابي أن الأزمة طويلة بعدما دخل فيروس المقاطعة»، مشيراً الى «أننا متوجهون الى مزيد من الفكر التوتاليتاري أي «أنا أو لا أحد». وأكد أن «ما تردد عن إمكان نيل العماد عون 65 صوتاً، ولكن ينتظر توافق الجميع عليه، هو «إشاعة لاستعجال النواب للحاق بالأكثرية التي ستنتخبه، وقد راهنوا على شراء بعض النواب من قوى 14 آذار وغيرهم ليتبين أن كل الذي راهنوا عليه غير صحيح والنواب ليسوا للشراء والإبتزاز». وأشار عضو كتلة «المستقبل» احمد فتفت، الى ان 25 أيار هو تاريخ مفصلي دستوري وسياسي، معرباً عن خشيته من «ان يكون ما بعد هذا التاريخ مختلفاً كلياً وأن نرى كل الانجازات في المرحلة السابقة تسقط». وشدد على «ضرورة ايجاد اجندة محلية تؤدي الى حصول انتخابات قبل 25 ايار ويجب على الجميع تحمل مسؤولياتهم»، مشيراً الى «طريقة التعاطي وكأن البعض يقول انا او لا احد»، معتبراً ان «من يعطل يخاطر بانهيار كل ما أُنجز».