في الذكرى السنوية الخمسين لاحتلال إسرائيل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان (حزيران/ يونيو 1967)، رفعت الرقابة الحظر عن نشر محاضر اجتماعات الحكومة في الأشهر الستة الأولى التي تلت الحرب والأفكار التي طرحها وزراء في شأن مستقبل الضفة الغربية، كشفت عملياً أن وزراء طالبوا بتفريغ قطاع غزة من سكانه وتشجيع فلسطينيي الضفة الغربية على الرحيل وحتى ترحيل فلسطينيي الجليل (في الشمال) أو ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، كل ذلك في أجواء نشوة الانتصار أو «هزيمة العرب» عام 1967. ووفق البروتوكولات، فإن الحكومة الأمنية المصغرة عقدت اجتماعات متتالية لتحديد موقفها من الأراضي المحتلة، ليطرحه رئيس الحكومة في حينه ليفي اشكول على الإدارة الأميركية عشية توجهه إلى واشنطن «في أعقاب اقتراح العاهل الأردني الراحل الملك حسين اتفاق سلام مع إسرائيل وبعد قرارات قدمتها الجامعة العربية للأمم المتحدة تدعو الى انسحاب إسرائيل». وأفادت المحاضر بأن الوزراء ناقشوا مختلف الاحتمالات منها: ضم الضفة الغربية، وإقامة دولة فلسطينية وإعادة الضفة الغربية الى الأردن، ومخططات ترحيل جديدة. وطرح اشكول سيناريوات مختلفة منها تشجيع هجرة العرب من خلال تشكيل هيئة خاصة تعمل على ذلك بسرية، و «البحث في طرق لترحيل العرب إلى الولاياتالمتحدة، وليس فقط إلى الأردن». وأعرب عن أمله بأن يؤدي تشديد الخناق على قطاع غزة مثل عدم إمداده بكميات كافية من المياه والغذاء إلى هجرة سكانه، «وعندئذ لن يكون أمامهم سوى الهجرة»، مقراً بأنه في حال وقوع حرب أخرى فإن إسرائيل ستطبق رغبتها في تفريغ قطاع غزة». ووفق البروتوكولات، عارضت الإدارة الأميركية فكرة الدولة الفلسطينية «خشية أن يمسك الاتحاد السوفياتي بخيوطها». وعارض الوزير مناحيم بيغين (زعيم ليكود اليميني ولاحقاً رئيس الحكومة) أي انسحاب من الأراضي الفلسطينية القريبة من مدن الساحل في إسرائيل، بداعي وجوب تأمين حمايتها. ولم تُحسم النقاشات، إذ أقرّ اشكول بتعقيدات المسألة بقوله: «من ناحية لا داعي إلى تحديد موقفنا من مستقبل الضفة الغربية. وقد خاضت إسرائيل حتى الآن ثلاث حروب خلال 20 عاماً، ومن الممكن أن تمر 20 سنة أخرى من دون حسم، لكننا في المقابل يجب أن ندرك الخطر الكامن في أن يصبح العرب (الفلسطينيون على جانبي الخط الأخضر) الذين يشكلون اليوم 40 في المئة من عدد السكان 60 في المئة، وعندئذ لا يمكن أن نعرف ماذا سيحصل لنا... لكن في الوقت ذاته ندرك الخطر الكامن في أن لا نكون ضمن حدود آمنة». وردّ عليه أحد الوزراء بالقول إنه في حال بقي الاحتلال (للضفة الغربية) 20 عاماً، «فإن العالم سيتعود عليه تماماً كما اعتاد على وجود الملك حسين فيها». في المقابل، سُمعت أصوات تحذر من أبعاد سيطرة إسرائيل على أكثر من مليون فلسطيني في الضفة والقطاع، «وقد يشكل الأمر كارثة على الدولة»، وفق أحد الوزراء الذي اقترح الانسحاب. واقترح وزراء آخرون بدء مشروع الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة. كما بحثت الحكومة في مسألة سلوك الوقف الإسلامي في المسجد الأقصى المبارك بعد شكوى بيغين بأنه لم يشعر بالارتياح حين زار وزوجته «جبل الهيكل» وكيف طلب رجال الوقف من زوجته أن تستر رأسها، وأنه رفض ذلك. كما تمت مناقشة مضامين كتب التعليم للفلسطينيين «وهي معادية لإسرائيل»، وما هو منهاج التعليم الواجب اتباعه في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتم اتخاذ قرار بأن يتعلم طلاب القدسالشرقيةالمحتلة (التي تم ضمها إلى القدس الغربية بقانون إسرائيلي) بموجب منهاج التعليم المتبع للعرب في إسرائيل، فيما تبقى كتب التعليم ذاتها في مدارس الضفة الغربية وإخراج الفقرات المعادية منها».