تحوّل الاحتفال الذي نظّمته دار «هاشيت أنطوان» في بيت المحامي مساء أول من أمس، لمناسبة صدور المجلد الأول من الكتاب المرجعي «القانون التجاري» للبروفسور والوزير اللبناني الراحل إميل تيّان، إلى تكريم رسمي وشعبي لرجل ارتبط اسمه بالمهنية العالية والبحث المعمّق والتبحّر في علم القانون. الاحتفال الذي نظّم برعاية وزير العدل اللبناني سليم جريصاتي وحضوره، ونقيب المحامين أنطونيو الهاشم، وكلية الحقوق والعلوم اليسوعية في جامعة القديس يوسف، قدّم له المحامي جو كرم وحضرته عائلة تيّان الكبيرة وأصدقاؤه وسياسيون وديبلوماسيون وقضاة ومحامون وطلاب حقوق. وأكد جريصاتي في كلمة ألقاها أن «مؤلفات إميل تيان في القانون الإسلامي والتجاري والدولي الخاص وقانون التحكيم كانت ولا تزال مرجعاً لا غنى عنه في هذه المواضيع، لكن القانون التجاري هو أفضل لمساته في هذه اللوحة الرائعة من العلوم القانونية». وكشف «رغبة في إعادة نشر مؤلفات تيان، لكن الخشية كانت دائماً من المساس بالنص المتكامل، شبه المنزه، وخرق الممنوع بطريقة ما، لأن عمل تيان لا يمر عليه الزمن». واعتبر الهاشم أن «إميل تيان أحدث ثورة في تاريخ القضاء اللبناني، وإصلاح القضاء كان همّه الأساسي لأن أي حديث عن الإصلاح في لبنان، إدارياً كان أو سياسياً أو اقتصادياً لا يخلو من أولوية إحداث ثورة في القضاء تكفل له استقلاله». وقال: «إن بلداً كلبنان جال فيه الفساد السياسي في أبشع صوره، من إهدار ونهب للمال العام في غياب المحاسبة والمساءلة والمعاقبة، مكّن هؤلاء من أن يصبحوا أصحاب سلطة أقوى من سلطة الدولة ومؤسساتها، ومن ضمنها القضاء الذي يتحدث الجميع عن مساره وعما لحق به من شوائب، من دون أن يلغي ذلك وجود قضاة أكفاء من ذوي السمعة الطيبة»، لافتاً إلى أن «الأنظار تتجه اليوم الى ما يمكن فعله بدءاً من القضاء المطالب بإحداث ثورة تعيد له استقلاله وتؤكد مبدأ فصل السلطات وتطلق مساراً اصلاحياً ترافقه اعادة اعتبار لمبدأي المساءلة والمحاسبة للنيل من العابثين بالقانون والمستهترين به». وعرض لمسيرة إميل تيان في رفض الإملاءات السياسية على قراراته القضائية وصولاً إلى استقالته من رئاسة محكمة الاستئناف ليعين بعدها وزيراً للعدل في عهد الرئيس الراحل شارل حلو. ثم تحدثت عميدة كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف لينا غناجة عن «سعة ثقافة تيان وانفتاحه على الثقافات والأديان وعلى نظم قضائية وقانونية مختلفة»، لافتة الى أنه «كان ملتزماً الأخلاق والانضباط المهني فواجه السياسيين ورفض تنفيذ قرارات لهم تتطاول على صلاحيات القضاء». أما البروفسور ندي تيان ابن المحتفى به والذي أشرف على تحديث كتاب «القانون التجاري» مع المحامي ألكسندر نجار والقاضية مايا عفيش كرم، فتحدث عن ظروف إصدار المجلد الأول هذا، لافتاً إلى أن «كثراً ممن عرضت عليهم المشاركة تهيبوا رفع التحدي ولم يشارك منهم سوى شخصين»، لافتاً إلى أن «المهم في العمل كان عدم المساس بالنص الأصلي، لكننا قررنا أنه من المفيد إضافة قانون شركات الهولدينغ والأوف شور، لأنها لم تكن موجودة يوم كتب تيان كتابه». ووصف المحامي ألكسندر نجار، إميل تيان ب «المعلم والمثل في المثابرة والإصرار»، متحدثاً عن صعوبة التنقيح مع الحفاظ على أساس الكتاب، فكل إضافة محسوبة، والإضافات ضرورية مع تبدل بعض القوانين منذ صدور الكتاب»، مستخلصاً من نتيجة العمل أن «كتاب تيان لا يزال منسجماً مع العصر». ولفتت القاضية مايا عفيش كرم إلى أن «تنقيح الكتاب تطلّب مراجعة ألوف الصفحات والمراجع في القوانين اللبنانية والفرنسية لنستبدل النصوص التي عدّلت ونحذف تلك التي ألغيت، ونضيف مواد قانونية جديدة وأن نكون في مستوى الكتاب»، مشيرة إلى أن «العمل تركّز على القانون اللبناني وتعديلاته». وعُرض في الاحتفال وثائقي عن الراحل أعدّته حفيدته ميشلين تيّان، وقدم له رئيس مجلس إدارة دار «هاشيت انطوان» الحفيد إميل تيّان.