تناولت مصادر قيادية في الأكثرية الجديدة في البرلمان اللبناني المضامين السياسية لخطاب الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله مساء أول من امس من زاوية حضور التداعيات المترتبة على ما تضمنته وثائق «ويكيليكس» التي تنشرها إحدى الصحف اللبنانية بامتياز في خطابه، حتى انها كادت تكون المحور الأساسي فيه بهدف قطع الطريق على محاولات إحداث شرخ في التحالف الاستراتيجي القائم بين الحزب وحركة «امل» برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ضوء ما أُخذ يشاع عن أن الارتدادات السلبية لهذه الوثائق ترمي بثقلها على المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة. وأكدت المصادر نفسها ل «الحياة» أن نصرالله اعتمد لهجة هادئة في دفاعه عن موقف الحزب الداعم للمعارضة في البحرين، وكذلك في رده على رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي اتهم طهران بأنها تريد تحويل لبنان الى محمية إيرانية، فيما تجنّب الإشارة الى الأحداث الجارية في سورية وإلى موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. واعترفت المصادر بأن ما نُشر في وثائق «ويكيليكس» من كلام منسوب الى الرئيس بري من خلال أقوال لعدد من المقربين منه في لقاءاتهم مع السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان قبل ان يتولى منصبه الجديد في الخارجية الأميركية، كاد يُحدث شرخاً في العلاقة الاستراتيجية القائمة بين قيادتي «حزب الله» وحركة «امل» ما اضطُر نصرالله الى التدخل مباشرة لتوضيح موقف الحزب وإزالة اي التباس يدفع بالبعض الى السؤال عن علاقة الحزب بالصحيفة التي تتولى نشر هذه الوثائق وتعميمها على موقعها الإلكتروني ولتبديد اجواء الاحتقان بين الحليفين الشيعيين قبل ان تفعل فعلها في الساحة السياسية والشيعية المشتركة للحليفين الأقوى في الشارع الشيعي. ولفتت الى ان نصرالله تبنى كل ما ورد من أقوال وتحاليل منسوبة الى قادة 14 آذار في وثائق «ويكيليكس» بذريعة أن أصحابها لم يبادروا الى نفيها أو التبرؤ منها، في مقابل رفع التهمة عن كل ما أوردته عن حلفاء الحزب باعتبار انهم سارعوا الى نفيها والتبرؤ منها على قاعدة ان معظمها تحليلات سياسية استنتجها فيلتمان في لقاءاته مع هذه الشخصيات. وأشارت المصادر ايضاً الى أن نصرالله حرص على الدفاع عن حركة «امل» ورئيسها بقوله ان التنسيق بينهما إبان حرب تموز على لبنان كان قائماً وإنه كان يتابع شخصياً الوضع الميداني على الأرض في مواجهة العدوان الإسرائيلي فيما تولى الرئيس بري قيادة المفاوضات. وبكلام آخر، أراد نصرالله، وفق المصادر عينها، ان يتوجه بخطاب مباشر الى الجمهور الشيعي الذي تتشكل منه حركة «امل» و «حزب الله»، ليس لتبرئة حليفه من كل ما هو منسوب إليه أو إلى مقربين منه فحسب، وإنما لتأكيد ان وثائق «ويكيليكس» لن تترك مفاعيل سلبية على العلاقة الاستراتيجية، وهذا ما سيظهر تباعاً على الساحة اللبنانية بدءاً بالجهود الرامية الى التسريع في ولادة الحكومة العتيدة. واعتبرت المصادر أن البيان الذي صدر عن «أمل» الخميس الماضي وجاء رداً على ما أوردته إحدى الصحف نقلاً عن وثائق «ويكيليكس» وفيه: «من نافل القول ان تكون «أمل» ورئيسها نبيه بري مستهدفين من كل المتضررين من سياسة الوفاق والحوار التي تتبعها في محاولة لشطبها والبيئة المقاومة وخطها وأن هذه الحملة التي نأت عن استهداف «حزب الله» مباشرة باستثناء مسألة السلاح جعلت هجومها الرئيس على حركة «امل» ورئيسها في تكتيك يهدف الى التعمية معتقدين ان الحزب لن ينتبه الى انه أكل حيث أكلت الحركة». كان بمثابة المحرك والدافع الذي أملى على نصرالله التدخل المباشر ليقول ما يكفي لتطويق التداعيات التي أحدثتها هذه الوثائق من جهة ولتأكيد عمق تحالفه بالرئيس بري. وأكدت أن خطاب نصرالله في شأن وثائق «ويكيليكس» لقي ترحيباً وارتياحاً في الشارع الشيعي وحال دون تهديد العلاقة التحالفية بين الطرفين، خصوصاً انه حرص على تبرئة الحزب من اي علاقة بالصحيفة التي أخذت على عاتقها نشر الوثائق. إضافة الى انه أحدث ارتياحاً لدى «التيار الوطني الحر» في ضوء تزايد الحديث لدى محازبيه وجمهوره عن الأهداف المرجوة من وراء توقيت الحملة على «التيار» من خلال استهداف بعض رموزه. وهكذا فإن نصرالله قرر ان يخرج عن صمته حيال الحملة التي تقودها قوى 14 آذار على سلاحه في الداخل وأن يدخل مباشرة على خط السجال الدائر في شأن وثائق «ويكيليكس» بعد ان شعر بأن الصمت سيرتد سلباً، على الأقل، على علاقته بحركة «امل» مع تزايد الغمز واللمز في خصوص الجهة المستفيدة من نشر الوثائق وكان له الموقف الواضح الذي أعلنه لحماية تحالفه مع «امل» و «التيار الوطني» ولتبرئة الحزب من اي علاقة له نتيجة نشر هذه الوثائق. ولفتت المصادر الى ان مواقف نصرالله، جاءت أقل حدة مما روّج له قبلها.