شهد المشهد الأميركي ارتباكاً أمس، وعاد شبح روسيا إلى التعقيدات الداخلية، مع مثول وزير العدل جيف سيشنز أمام الكونغرس وإقراره باجتماع في برج ترامب عام 2016 حضره المستشار السابق جورج بابادوبولوس الذي يتعاون الآن مع مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي). تزامن ذلك مع نشر مجلة «أتلانتيك» اتصالات بين النجل البكر للرئيس دونالد ترامب وموقع «ويكيليكس»، خلال الحملة الانتخابية وحتى الصيف الماضي، فيما لوّحت وزارة العدل بفتح تحقيق يطاول «مؤسسة كلينتون» وموسكو. وبعدما نفى ذلك سابقاً، أكد سيشنز أمام لجنة القضاء في مجلس النواب أمس، أنه يتذكر اجتماعاً عُقد في آذار (مارس) 2016 وحضره بابادوبولوس، المُتهم مع بول مانافورت، المدير السابق لحملة ترامب، والمستشار السابق ريك غيتس، بالتآمر ضد الولاياتالمتحدة. ويتعاون بابادوبولوس مع المحققين وكشَفَ اتصالات بين حملة ترامب وروسيا، وهذا ما لم يتذكره سيشنز في شهادته أمام الكونغرس، مؤكداً أنه أبلغ المستشار السابق بأنه ليس مكلفاً رسمياً تمثيل الحملة لدى الحكومة الروسية. لكنه دافع عن نفسه ضد اتهامات بتضليل الكونغرس في شأن علمه باتصالات أجراها مساعدون لترامب بموسكو خلال حملته الانتخابية. وإلى جانب شهادة سيشنز، كُشف عن مراسلات بين دونالد ترامب جونيور و «ويكيليكس»، بدأت في 20 أيلول (سبتمبر) واستمرت حتى تموز (يوليو) الماضي. وكشفت «أتلانتيك» عن الرسائل، وهي لدى الكونغرس وتبادلَها الجانبان عبر موقع «تويتر»، مضيفة أن ترامب الابن وجّه آنذاك رسائل إلكترونية إلى مسؤولين بارزين، بينهم ستيف بانون وكيليان كونواي وصهر ترامب جاريد كوشنر، ليبلغهم اتصال «ويكيليكس» به. وتشير المراسلات إلى أن «ويكيليكس» حضّ الرئيس ترامب على نشر الملفات التي سرّبها الموقع في شأن المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وطلب منه تزويده إقراراته الضريبية، كما نصحه بالطعن في نتيجة الانتخابات إذا خسرها. وذكرت «أتلانتيك» أن ترامب الابن لم يردّ على الرسائل في وقت لاحق، مستدركة أن توقيت إرسال التغريدات يُظهر أنه ووالده «تصرّفا بناءً على طلبات» الموقع، عبر ذكر أو نشر القصص التي ينشرها «ويكيليكس» بعد ذلك بوقت وجيز. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أربعة أعضاء في الكونغرس تأكيدهم حصول مراسلات بين ترامب جونيور و «ويكيليكس» قبل الانتخابات الأميركية، واستمرارها إلى هذا العام. وهذا هو الكشف الثاني الذي يُفيد بتواصل نجل الرئيس مع منظمات مرتبطة بالحكومة الروسية وتُتهم بمحاولة قلب الانتخابات الأميركية وتشويه سمعة هيلاري كلينتون. وسلّم ترامب الابن رسائل تبادلها عبر «تويتر» مع «ويكيليكس» خلال الأسابيع الماضية، للجانٍ في الكونغرس تُحقّق في احتمال تورّط موسكو بمحاولة التأثير في انتخابات الرئاسة. وفي أيلول الماضي، أقرّ ترامب جونيور في جلسة مغلقة مع لجنة القضاء في مجلس الشيوخ، بتواصله مع الموقع خلال الانتخابات. ويخضع «ويكيليكس» لتحقيق جرمي تجريه وزارة العدل الأميركية منذ العام 2010، كما اعتبره مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إي» مايك بومبيو، «هيئةً معادية» للولايات المتحدة. وأدى «ويكيليكس» دوراً بارزاً في انتخابات الرئاسة الأميركية، إذ نشر رسائل إلكترونية مسرّبة من بريد «اللجنة الوطنية الديموقراطية» وبريد مدير حملة كلينتون، جون بوديستا. وقال الرئيس دونالد ترامب آنذاك إنه «يحب ويكيليكس»، واستعجل روسيا نشر رسائل إلكترونية لم تسلّمها كلينتون إلى مسؤولين أميركيين حققوا في استخدامها بريداً إلكترونياً خاصاً خلال توليها حقيبة الخارجية في الولاية الأولى للرئيس السابق باراك أوباما. في المقابل، تعهد سيشنز اتخاذ قرار سريع في شأن تعيين محقق خاص ثانٍ، للتحقيق في مخالفات مزعومة لمؤسسة كلينتون، وبيع شركة التعدين الكندية «يورانيوم وان» عام 2013 إلى شركة «روس آتوم» الحكومية الروسية، في صفقة أقرّها أوباما. وأتاح ذلك منح «روس آتوم» 20 في المئة من مخزون اليورانيوم الأميركي. إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف، أنه التقى ترامب خلال قمة «رابطة دول جنوب شرقي آسيا» (آسيان) في مانيلا قبل أيام، واصفاً إياه بشخص «منفتح وحسن النية». وأقرّ بأن العلاقات الروسية- الأميركية في أقل مستوياتها منذ عقود. وقدّم نواب روس تعديلات قانونية تمكّن الحكومة من إلزام وسائل الإعلام الأميركية العاملة في روسيا التسجيل بوصفها «عميلاً أجنبياً»، رداً على خطوة مشابهة في الولاياتالمتحدة طاولت شبكة «روسيا اليوم» المموَّلة من موسكو.