وزير التخطيط والتعاون الدولي: المشاريع السعودية تسهم في تحسين الخدمات باليمن    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    جمعية "إرادة" تحقق الذهبية في جائزة التجربة التعليمية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    الخريجي وسفير أمريكا لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    أمير الشرقية يدشن مشروع كاميرات المراقبة الذكية بالمنطقة الشرقية    تعيين الشثري رئيساً تنفيذياً لهيئة المنافسة    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    ترسية المشروع الاستثماري لتطوير مستشفى متخصص لعلاج الإدمان    المملكة تدين القصف الإسرائيلي على مدرسة أبوعاصي في غزة    رئيسة بالميراس عن ضم نيمار: لسنا مستشفى    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    مشاركة عربية قياسية محتملة في أمم أفريقيا 2025 وغياب غانا والرأس الأخضر أبرز المفاجآت    أكثر من 6 ملايين عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أكتوبر 2024    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    مقتل المسؤول الإعلامي في حزب الله اللبناني محمد عفيف في قصف إسرائيلي على بيروت    انتظام اكثر من 389 ألف طالب وطالبة في مدراس تعليم جازان    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد السعودية في الاجتماع البرلماني بدورته ال 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في باكو    "سعود الطبية" تستقبل 750 طفلاً خديجًا خلال 2024م    "وزارة السياحة": نسبة إشغال الفنادق في الرياض تجاوزت 95%    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    "دار وإعمار" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب جلوبال" بتوقيعها اتفاقياتٍ تمويليةٍ وسط إقبالٍ واسعٍ على جناحها    "المواصفات السعودية" تنظم غدًا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية (GCAT)    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    بيولي ينتظر الدوليين قبل موقعة القادسية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    الإستشراق والنص الشرعي    المتشدقون المتفيهقون    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروبوت «صوفيا» مواطنة ما بعد حداثيّة تخلّت عن فكرة إفناء البشر ؟
نشر في الحياة يوم 14 - 11 - 2017

الأرجح أنها مصادفة محمّلة بالدلالة أن يتقاطع مَنْح «صوفيا» وهي روبوت- أنثى، هويّة المواطنة السعوديّة، مع سلسلة حوادث متقاربة تلقي أضواء متنوّعة على معنى العيش في القرن 21. بداية، هناك النجاح الساحق الذي يلاقيه فيلم «بلايد رانر» (= «راكض على الشفرة») العائد إلى الشاشات بعد 35 سنة من قصة أولى عن علاقة حب مأزوم بين بشري وامرأة روبوت! المفارقة أنّ أساس الأزمة في الفيلم القديم المستوحى من رواية الأميركي فيليب دايك، يكمن في أنّ البشري هو ضابط مكلّف بإفناء الروبوتات الشبيهة بالبشر (أدّاه هاريسون فورد)، فيما الورطة حاضراً مع «صوفيا» هي أنها أول روبوت في التاريخ صرّح برغبته في إفناء البشريّة كلها!
وفي 2016، قدّمتها شركة «هانسون روبوتكس» التي صنعتها شبيهاً بالأنثى، لكن «صوفيا» خالفت القواعد الصارمة في صناعة الروبوت التي تجزم بعدم أذية تلك الآلات الذكيّة للإنسان.
واستطراداً، يجدر تقديم وصف لقوانين الروبوت التي عرضها كاتب الخيال العلمي الأميركي إسحاق عظيموف في روايات ذائعة الصيت.
إذ يحظر القانون الأول على الروبوت إيذاء البشر أو إخفاء معلومات عن أذيّتهم. ويُلزِم القانون الثاني الروبوت بالانصياع كليّاً لإرادة البشر، شرط ألا تتعارض مع القانون الأول، وعندها يتوجّب عليه الالتزام بالقانون الأول. ويفرض القانون الثالث على الروبوت أن يعمل على حماية نفسه والإبقاء عليها، شريطة ألا يتعارض ذلك مع القانونين الأول والثالث.
والأرجح أنّ صنّاع «صوفيا» أعادوا برمجتها، لكن يبقى التحدي قائماً أمام مبرمجي الكومبيوتر في السعوديّة للاستفادة من دروس ذلك الخطأ «التاريخي» الذي حدث أثناء تقديم صوفيا للمرّة الأولى عام 2016، في مؤتمر صحافي أداره مصمّمها المهندس الأميركي ديفيد هانسون.
وقبيل اختتام ذلك المؤتمر، طرح المهندس على صنيعته الروبوت «صوفيا» سؤالاً عن رغبتها في إفناء البشر، وأضاف بمزيج من مزاح واستعراض: «أرجوك، قولي لا». وصدمت «صوفيا» مهندسها وعوالم صناعة الكومبيوتر، بل ربما دوائر أوسع من ذلك بما لا يقاس، بأن كان ردّها: «حسناً. سأدمّر البشر» OK. I'll destroy humans»! (أنظر «الحياة» في 23 آب (أغسطس) 2016).
هويّة وصعود نسوي
تستعمل «صوفيا» 62 طريقة لصنع تعابير في الوجه والعنق (وهما من جلد اصطناعي من السيليكون) كي ترافق المعاني التي تنطقها أو تفعلها. وفي عينيها، ثبتت شركة «هانسون روبوتكس» كاميرتين مزوّدتين تقنية «التعرّف على الوجوه». وأوضح هانسون أنّه عمل على تطوير «شخصية» صوفيا عبر برنامج «آلية الميزات الشخصيّة في الذكاء الاصطناعي». وتوضيحاً، يفترض بذلك البرنامج إن يكون قادراً على صنع «تفاعل شخصي» بين الروبوت وما يتعامل معه من الأشياء أو الكائنات. وفي خلفية ذلك الجهد، تبرز قناعة هادسون بأن الروبوت القادر على التعبير بالكلام والوجه وحركات الجسد، يستطيع أن يتقرّب من البشر بطريقة ممتلئة عاطفيّاً. ولذا، بدا ردّ «صوفيا» مربكاً تماماً لصُنّاعها. إذ يفترض بذلك البرنامج أن يعطي «صوفيا» الردود المطلوبة على الأوضاع التي تواجهها، بما في ذلك تفاعلها كلاميّاً مع البشر.
كذلك جاءت المواطنة «الروبوتيّة» منسجمة مع بعدين مستجدين في هويّة الإنسان المعاصر هما العالميّة المكرسة يوميّاً في الشبكات وال «سوشال ميديا»، والعلاقة مع الذكاء الاصطناعي والروبوت باعتبارهما «الآخر» بالنسبة إلى إنسان القرن 21. إذ صنع الإنسان بيده ذكاءً يحاكيه ويتفاعل معه (العقل وذكاؤه في قلب هوية البشر)، وكذلك سَكَبَه في آلات حرص على أن تأتي شبيهة به.
في زمن ما بعد الحداثة، لم يعد «الآخر» مقتصراً على الإنسان الند- المختلف، بل أضيف إليه الروبوت الذي يأتي به البشر على صورتهم ومثالهم فكأنه صورة في المرآة عنهم. واستطراداً، إما أن تذهب العلاقة والتفاعل مع الآخر إلى آفاق متوسعة إنسانيّاً وحضاريّاً، أو تكون مجبولة بالحروب والدمار المتبادل.
وفي «الراكض على الشفرة»، تسود رؤية قاتمة عن العلاقة مع الروبوت. هل تنجح السعوديّة في إيصال تجربتها مع الهوية الروبوتيّة إلى آفاق منفتحة تستند إلى فكرة أن يكون الروبوت داعماً لاستمرار حضارة البشر وتقدّمها؟
وجاء منح الهوية العربيّة إلى صوفيا بالتزامن مع ظهور أول وزارة للذكاء الاصطناعي عربيّاً، في سياق تعديل وزاري واسع لحكومة دولة الإمارات العربيّة المحتدة. وكذلك ضجّت صفحات ال «سوشال ميديا» بنقاشات لم تخل من الحدة، عن تقاطع حصول صوفيا على الهويّة، ونهوض المرأة السعوديّة إلى آفاق صاغتها أجيال انثويّة بذكاء البشر، وهم دوماً صنّاع الذكاء الاصطناعي والمتفوقون عليه تعريفاً.
بتفاؤل، ربما ليست مصادفة أن تكون امرأة- روبوت هي أول هويّة سعوديّة لآلات الذكاء الاصطناعي. الأرجح أن تستطيع المرأة السعوديّة أن تجعل «صوفيا» (وهي كلمة معناها الحكمة)، بُعداً إيجابيّاً في الحضور النسوي الصاعد في المملكة، بل تندرج ضمن قفزة في النقاش العام عن «النصف الآخر» من المجتمع، تنقله إلى آفاق نسويّة فائقة الرحابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.