في مؤشر إلى الضعف الذي اعترى تنظيم «داعش» شمال سيناء، وتراجع قدرات المتطرفين المحسوبين عليه، توعّدت جماعة «جند الإسلام» التابعة لتنظيم «القاعدة» مسلحي «داعش» في سيناء ب «الاستئصال». ونشرت الجماعة المتطرفة تسجيلاً صوتياً عنوانه «بيان عملية أمنية لدفع صيال خوارج البغدادي في سيناء» قالت فيه إن مسلحيها قتلوا عدداً من مسلحي «داعش» في سيناء، ودعتهم إلى العودة عن «بيعة البغدادي». و»جند الإسلام» واحدة من جماعات تكفيرية متشددة نشطت في شمال سيناء إلى جانب «التوحيد والجهاد» و «أكناف بيت المقدس» و «الفرقان»، قبل أن تظهر «أنصار بيت المقدس» كأكبر تنظيم متطرف يتبع «القاعدة» في سيناء، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي في منتصف عام 2013. ونفذت جماعة «جند الإسلام» هجمات إرهابية في سيناء عام 2013 كان أبرزها تفجير مبنى الاستخبارات الحربية في رفح في أيلول (سبتمبر) 2013، وتوارت تماماً بعد ظهور جماعة «ولاية سيناء» التابعة ل «داعش» منتصف عام 2014، ومبايعة غالبية الجماعات القاعدية في سيناء زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، في نهاية عام 2014. وأكد التسجيل الصوتي الذي نُشر على مواقع إلكترونية متطرفة تابعة ل «القاعدة» تحليلات أمنية وتوقعات باحثين معنيين بملف الجماعات المتطرفة عن قرب حدوث انشقاقات في تنظيم «داعش» قد تتطور إلى حد التراجع عن بيعة البغدادي، وتواري التنظيم الإرهابي الأكبر في العالم في الفترة المقبلة. وجاء في التسجيل الصوتي الذي حمل شعار جماعة «جند الإسلام»: «بيان تبني جماعة جند الإسلام للعملية الأمنية التي قامت بها إحدى سرايا الجماعة لدفع صيال خوارج البغدادي في سيناء. لا تهدأ أيادي المكر لعصابات البغدادي من الترصد لعبادالله من عوام المسلمين والمجاهدين (في سيناء)، وقد ثبت بالدليل القاطع اعتداءات خوارج البغدادي «تنظيم ولاية سيناء» بحق المسلمين في سيناء ومحاصرتهم غزة، فتم رصد تسلل مجموعة لمناطق رباط إخوانكم في جماعة «جند الاسلام» أكثر من مرة ومعهم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وذلك للغدر بهم مجدداً. وبناء على ذلك، قرر الجهاز الأمني للجماعة القيام بعملية أمنية خاطفة لردع هؤلاء الخوارج بعد أن تمادى شرهم ووصل بهم الجهل والظلم إلى تكفير الجماعة ورميها بالصحوات. وأعدت إحدى السرايا الأمنية كمينا لخوارج البغدادي بعد جمع المعلومات اللازمة بهدف أسر عناصر من التنظيم والتحقيق معهم بشأن انتهاكاتهم بحق الجماعة، فاشتبكت السرية مع سيارة للخوارج، ما أسفر عن مقتل من في السيارة وإعطابها واغتنام ما فيها من عداد». وأضاف البيان: «على العناصر التالية تسليم أنفسهم قبل القدرة عليهم والخضوع للحكم الشرعي جراء ما اقترفته أيديهم بحق المسلحين، وهم: أبو أسامة الخارجي، أبو صالح الخارجي، أبو صخر الخارجي، وفهد الخارجي. وندعو أفراد التنظيم المغرر بهم إلى التوبة وعدم القتال تحت هذه الراية (داعش) التي فرقت المسلمين واستباحت دماءهم المعصومة وأعراضهم المصانة بلا برهان ولا دليل شرعي. وأخيراً، فإننا قادورن على استئصال هذه الفرقة في سيناء إن لم ترتدع وترجع عن غيّها وضلالها وتذعن لشرع الله وليس شرع البغدادي». وكان لافتاً أن عودة تنظيم «جند الإسلام» من جديد إلى الساحة في سيناء أتى بعد أيام مع إعلان تنظيم «أنصار الإسلام» المحسوب على «القاعدة» عزمه تنفيذ هجمات في مصر، عبر بيان تبنى فيه الاشتباكات التي جرت في الواحات البحرية بين الأمن ومتطرفين الشهر الماضي، والتي انتهت بقتل الجيش المصري كل أفراد الخلية وبينهم قائدها عماد عبدالحميد، الذي كان تمسك ببيعته ل «القاعدة» وفرّ من سيناء عام 2014، بعد بيعة «أنصار بيت المقدس» ل «داعش». وقال الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد كامل البحيري ل «الحياة» إن اشتباكات كانت حصلت عام 2015 بين مسلحين متطرفين محسوبين على التنظيمين، لكن مع صعود أقوى ل «داعش» إقليمياً في السنوات الماضية حسم المعركة لمصلحته في سيناء، غير أن المتغيرات الإقليمية التي حدثت في الشهور الأخيرة دفعت في اتجاه عودة «القاعدة». وأوضح أن هذا التطور «له علاقة بتراجع داعش في الإقليم، ما عُد فرصة مواتية لظهور تنظيم تابع ل «القاعدة»، خصوصاً مع الضربات الأمنية العنيفة التي يتلقاها داعش في سيناء، وسقوط عدد كبير من قيادات التنظيم، كل هذا أدى إلى ظهور جديد ل «جند الإسلام» في سيناء، وظهور التنظيمات التابعة للقاعدة». ورأى أن «جند الإسلام» يسعى إلى الإفادة من الضعف الذي يعتري «داعش» في معاقله، خصوصاً في سورية والعراق وقرب القضاء عليه، وحالة الجدل داخل فرع «داعش» في سيناء بخصوص بيعة البغدادي، من أجل استقطاب مسلحي التنظيم والعودة مجدداً لبيعة «القاعدة». وتوقّع البحيري مع استمرار الضغط على «داعش» في سورية والعراق وقرب حسم المعركة هناك أن يحدث تراجع في أفرع «داعش» الإقليمية، بحيث تفك الارتباط مع التنظيم الأم، لكن ليس بالضرورة العودة إلى بيعة زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري. وقال: «أظن أن التنظيمات الجديدة ستكون قاعدية الفكر داعشية التكتيك»، واستلهام نموذج «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة)، بمعنى أن تكون قاعدية الهوى والفكر لكن ليست مرتبطة تنظيمياً ب «القاعدة»، مع تحول على مستوى التكتيك للاقتراب من نهج «داعش» بخصوص «قتال العدو القريب»، بحيث يُصبح «المستهدف الأول هو العدو القريب وليس العدو البعيد».