اتفقت 11 دولة على اطار لاتفاق جديد للتبادل الحر بينها، من دون الولاياتالمتحدة، بعد شكوك في شأنه اثر تبنّي الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة «أميركا أولاً» وانسحابه من الاتفاق. وتم التوصل الى هذا الاتفاق على هامش قمة «منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا - المحيط الهادئ» (أبيك) في مدينة دانانغ وسط فيتنام. وجدّدت الدول ال21 الأعضاء في «أبيك» التزامها التجارة الحرة والمفتوحة ومحاربة أساليب الحمائية التجارية و»كل الممارسات التجارية غير العادلة»، والاعتراف بعالم منظمة التجارة العالمية، لكنها اشارت أيضاً إلى التجارة العادلة وإلى» تعزيز (الأعضاء) التزامهم القواعد المتفق عليها». والدول الأعضاء في «أبيك» هي أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي والصين وهونغ كونغ وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وبابوا نيو غينيا والبيرو والفيليبين وروسيا وسنغافورة وتايوان وتايلاند والولاياتالمتحدةوفيتنام. اما الدول ال11 التي ستنفذ اتفاق «الشراكة عبر المحيط الهادئ»، فهي استراليا وبروناي وتشيلي وكندا وماليزيا واليابان والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام. وكانت الدول ال11، اضافة الى الولاياتالمتحدة، وقّعت عام 2015 وبعد سنوات من مفاوضات صعبة، الاتفاق الذي يستهدف وفق محللين تحقيق توازن مع التأثير المتنامي للصين. ويقضي الاتفاق بفتح اسواق المنتجات الزراعية في شكل كبير امام الولاياتالمتحدة وكندا واليابان. كما ينص على آليات لدرس الخلافات بين المستثمرين الأجانب والحكومات، ويفرض على دول مثل فيتنام والمكسيك وماليزيا تحسين معايير حماية العمال. وكانت الدول ال12 تشكّل 40 في المئة من الاقتصاد العالمي، لكنها من دون الولاياتالمتحدة لا تمثل سوى 13.5 في المئة، اذ قرر ترامب سحب بلاده من اتفاق «الشراكة عبر المحيط الهادئ»، معتبراً أن سياسة «أميركا أولاً» ستحمي وظائف مواطنيه وتؤدي إلى عدم استغلال الدول الأخرى الولاياتالمتحدة. وأبلغ ترامب زعماء دول «أبيك» الجمعة ان الولاياتالمتحدة لن توقّع بعد الآن «اتفاقات كبرى» ترغمها على «التخلي عن سيادتها». ودان «استغلالاً تجارياً مزمناً» لبلاده، وانتقد اتفاقات متعددة الطرف «تقيّد أيديها». وكانت المفارقة أن الرئيس الصيني شي جينبينغ انبرى خلال القمة مدافعاً عن العولمة. وأعلنت الدول ال11 أنها «اتفقت على العناصر الأساسية» لاتفاق جديد، بعد مفاوضات شاقة دامت أياماً. وقال وزير التجارة الفيتنامي تران توان آنه: «تجاوزنا الجزء الأكثر صعوبة». وأشار إلى أن حجم التجارة بين الدول الأعضاء بلغ 356 بليون دولار العام الماضي. ووَرَدَ في الاتفاق الذي بات يُسمى «الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ»، أن «مجموعة محدودة من البنود» من الاتفاق الأصلي ستُجمّد. وأضاف أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل الفني في مجالات ما زالت تتطلّب إجماعاً ل «تجهيز نص نهائي لتوقيعه». وذكر المسؤولون أن الاتفاق يجمّد نحو 20 بنداً من الاتفاق الأصلي، بعضها يتعلّق بحماية حقوق العمال والبيئة، لكن غالبيتها خاصة بالملكية الفكرية، وهي من نقاط الخلاف الرئيسة بعد انسحاب الولاياتالمتحدة. وكانت المحادثات شهدت فوضى اذ ألغى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي اجتماعاً لزعماء من دول الشراكة عبر المحيط الهادئ، بعدما لم يحضر نظيره الكندي جاستن ترودو. لكن وزير التجارة الكندي فرانسوا فيليب شامباني برّر غياب ترودو ب «سوء فهم في شأن الجدول»، مستدركاً أن هناك حاجة الى مزيد من العمل في هذا الصدد. وتحدث عن «تقدم كبير أُنجز» خلال المفاوضات، فيما اعتبر عضو في الوفد الكندي ان الاتفاق «سيحدد بنود المبادلات التجارية لأجيال». وقال وزير الاقتصاد الياباني توشيمتسو موتيغي إنه يأمل بأن يكون المضي نحو التوصل لاتفاق، خطوة في اتجاه عودة الولاياتالمتحدة. وقالت ديبورا إيلمز من «المركز الآسيوي للتجارة» إنه حتى من دون الولاياتالمتحدة، سيكون اتفاق التبادل الحر «أهم اتفاق تجاري أُبرم في السنوات العشرين الأخيرة». الى ذلك، التقى ترامب الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي للمرة الأولى، خلال قمة «أبيك». وقال ناطق باسم دوتيرتي إن الاجتماع كان «وجيزاً، لكنه كان دافئاً وودياً». وتابع: «شعر الزعيمان بالرضا لأنهما التقيا وجهاً لوجه أخيراً».