مشكلتنا الكبرى أن البعض يتعامل مع المرأة وكأنها «شيء جماد» لا تملك مشاعر، تكتفي فقط ببضع لقيمات وما يستر جسدها داخل جدران أربعة، وصفة بأنها زوجة فلان، حتى ولو كان المذكور هذا مجرد اسم على الورق فقط. ربما يذكّرني ما سبق بأغنية لمحمد عبده «إيش أسوي بالورق»، ولأن العنف لا يولّد إلا العنف ذكرت الصحف بالأمس وجود خمس حالات لرجال قامت زوجاتهم بالاعتداء عليهم بقطع أعضائهم الذكورية أو تشويهها في حوادث متقاربة جداً مرتكزة على شيء واحد فقط (أنت سلبت مني حياتي وأمانيّ وسعادتي، سأسلب منك رجولتك، أليست هذه التي بها تفتخر؟ أليست هذه الأعضاء التي تخونني بها؟ من سيقبلك من دونها؟). بالطبع جرائم بشعة، ولكن يجب أن يفهم الرجال أن المرأة ليست ملكية يتقاذفها الرجال لم تعد ترضى بالورق ولا بالحبر، لم تعد تستطيع أن تصمت عندما تجد رجلاً يهمشها، ويحاول جرح مشاعرها ويهدّدها في كل لحظة بامرأة أخرى وبعلاقات مشبوهة، وهي ما بين أسرة أرضعتها ثقافة كوني له أرضاً يكن لك سماء، فما وجدت أرضاً تطمئن لها، ولا وجدت سماء تحميها، وما بين أسرة ترفض طلاقها ومجتمع يوصمها بوصمة الطلاق، وما بين مشاعرها الخاصة ومتطلباتها الإنسانية التي تحتاج لها كبشر، والتي أصبحت تنافس حاجتها للمأكل والملبس والمأوى (وهي الحاجة للقبول والاحترام والتقدير وقبلها الأمان والحب). يشغلني كثيراً هذا الموضوع، وأحاول جاهدة أن أبحث عن امرأة لا ترى غضاضة في أن يتزوّج عليها زوجها أو يرضى بأن تخوض علاقات مشبوهة وفي علاقات غير مفهومة بعيداً عن الزمالة في العمل. الكثير من القضايا والأحداث الواقعية والجرائم البشعة أيضاً تخبرنا بمنطق الحقيقة عن كيف ينظر الرجل عندنا للمرأة، وكيف يتم طحنها طحناً مستغلاً حقه في التعدد هذا إذا لم تتدخل والدته وأخوته وسيدات أسرته في المشاركة في التهديد الكثير من الجرائم البشعة كهذه تستوجب منا التوقف لمعرفة الخلل لنقوم بمحاولة إصلاحه قبل تفاقم الوضع. قابلت عدداً كبيراً من السيدات المقهورات كلهن يشتركن في قالب واحد وهو عدم مراعاة الزوج مشاعرها، والمحاولة الدؤوبة للنيل من أنوثتها، مع الإصرار على إبقائها كزوجة، مطالباً إياها بتحمل رعونته ومراهقته وحاجاته الملحة للتغيير والتجديد! وعندما كنت أسأله بشكل فجائي، هل تقبل أن تسلك هي نفس السلوك، يتلون وجهه ويغضب بشدة من سؤالي، على رغم أنه سؤال استفهامي لا أكثر ولا أقل. حان الأوان أن يفهم الرجل أن المرأة إنسان - كائن حي - مشاعر وأحاسيس حاجتها للتقدير والاحترام والحب لا تقل عن حاجتها للمأكل والمأوى، بل أصبحت مساوية له في الهرم الإنساني، والا يجب أن يفهم الرجل ان «لغاليغو» في خطر إذا استمر يتعامل على أساس أنه العضو الأهم في حياته! [email protected]