يذرف العديد من السعوديات المتزوجات بأجانب دموع الندم منذ فترة طويلة، بعد أن ابتعد عنهن الأزواج، مطلقات أو معلقات، من دون نفقة أو رعاية لأبنائهن، إذ يغادر الكثير المملكة بعد نهاية عقود عملهم. وتذكر أم هشام التي قُدر لها الزواج من رجل سوري أنها اكتشفت أنه عاطل من العمل بعد زواجها منه، وعلمت بعد إنجابها الابنة الأولى أنه يعاني من مرض نفسي، ما جعله يشكل خطراً عليها وعلى أبنائها إن لم يتناول الدواء. وتضيف: «أنجبت منه ابنة أخرى وطفلاً، وأعيش حالياً وضعاً مادياً صعباً، إذ أسكن في منزل مستأجر بالدرعية مع أهل زوجي، وليس لنا سوى غرفة صغيرة أنام فيها وزوجي وأبنائي». وتشعر أم هشام بألم نفسي جراء اضطرارها إلى تلقي الصدقات والهبات من المحسنين. «لم أكن أريد ذلك، ولكن ماذا أفعل؟ وصلت بي الحال إلى أنني لا أجد حليباً لابني الرضيع، وكان ذلك من خمسة أعوام، وللأسف أن هذا الوضع المأسوي مستمر حتى يومنا هذا». لا تخفي أم هشام حسرتها على نفسها، لكن الأمر زاد بعد أن رأت الانكسار في عيون أبنائها. وتضيف: «يعلم الله أن الحال وصلت بي إلى أني لا أجد ال10 ريالات، بل كانت الأيام والليالي تمر وأنا في نوبة بكاء مستمرة، بل إني فكرت في التسول، والحمد لله على كل حال». وتتابع وهي تحبس دموعها: «يمضي العيد ويقبل الآخر من دون أن نشعر به. أطفالي لا يعرفون للعيد معنى، ولا يختلف عندهم عن بقية الأيام. فلا ملابس جديدة ولا هدايا ولا احتفال، بل إن الفرحة لم تعد ترتسم على شفاههم»، لافتة إلى أنها باتت مسلوبة الإرادة مع أهل زوجها. «لا أشعر معهم بأية عاطفة حب، بل أجد منهم القسوة والإهانة وضرب أبنائي، فيما أقف عاجزة عن الدفاع عنهم، ما يدفعني إلى الدخول في نوبات من البكاء، فلا حيلة لدي سوى ذلك». وتحصل أم هشام على مساعدة من الضمان الاجتماعي، إلا أنها ليست كافية. «طرقت أبواب جمعية الإمام في الدرعية، فاستقبلتني وساعدتني ببعض المال الذي استطعت عن طريقه توفير المأكل لي ولأبنائي وزوجي». المرارة التي تشعر بها أم هشام دفعتها للبحث عن مصدر دخل تستطيع من خلاله العيش بكرامة وضمان مستقبل أفضل لأبنائها. وتوضح «التحقت بدورة تدريبية في تعليم الطبخ لدى جمعية الإمام، وأصبحت الآن قادرة على الاعتماد على نفسي وكسب رزقي بيدي والحمد لله من خلال صنعي لبعض الأطباق وبيعها، إذ يدر عليّ هذا العمل ما يقارب 1800 ريال في الشهر». وتستطرد: «كنت قلقة من عدم توفر وسيلة النقل، وخوفي من الركوب يومياً مع سائقين لا أعرفهم، إضافة إلى أنها ستقلل من مستوى دخلنا، لكن الله سبحانه وتعالى سخّر لي جاراً يعمل سائقاً يوصلني يومياً من دون أجرة، طالباً الأجر من الله وحده». وتخشى أم هشام من أن تمتد آثار المعاناة إلى أبنائها، لذا فهي حريصة على العمل بجد أكثر، ولكنها تريد مسكناً خاصاً لها ولأبنائها ولزوجها المريض، «المال الذي أجنيه من عملي لا يكاد يكفيني وأسرتي، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى ثم من الميسورين أن يساعدوني في توفير منزل يؤويني وأسرتي، حتى أرتاح نفسياً وأركز على توفير لقمة عيش كريمة لهم»، مشيرة إلى أنها بين الحين والآخر تشعر بأن العزلة التي تعيشها كانت بسبب زواجها من شخص مقيم.