الروسي حدة حول ملف الأسلحة الكيماوية في سورية مع تسارع العد التنازلي باتجاه انتهاء ولاية لجنة التحقيق الدولية قبل التوافق على تجديدها، ما قد يؤدي إلى توقف التحقيق برمته. وتجددت المواجهة بين قطبي مجلس الأمن ليل الثلثاء- الأربعاء في شأن نتائج التحقيق الدولي الذي كان حمل الحكومة السورية مسؤولية الهجوم الكيماوي في خان شيخون في إدلب، مع تلويح روسيا بطرح مشروع قرارها على التصويت، في مؤشر على رفضها التنازل عن اتهاماتها للتحقيق بانعدام المهنية والصدقية. ووضعت روسيا مشروع قرار كانت قدمته الأسبوع الماضي باللون الأزرق، وهي المرحلة الأخيرة التي تسبق طرح مشاريع القرارات على التصويت، متمسكة فيه بالفقرات الخلافية التي أثارت حفيظة الولاياتالمتحدة وشركائها الغربيين. وجدد نائب السفير الروسي فلاديمير سافرونكوف التشكيك في عمل لجنة التحقيق ونتائج التقرير الذي كانت قدمته إلى مجلس الأمن الخميس الماضي، معتبراً أنه استند إلى أدلة لا يمكن اعتمادها أساساً لأي «تحقيق مهني». وقال إنه كان على اللجنة أن «تزور موقع الحادث في خان شيخون لا أن تعتمد على أقوال شهود خارج مسرح الهجوم، معظمها قدمتها المعارضة ومنظمات غير حكومية دون صدقية كجماعة الخوذات البيضاء المرتبطة بجبهة النصرة، وكذلك على تحليل عينات نقلت من خان شيخون إلى مكان آخر» أي في تركيا. كما شكك المندوب الروسي بصحة الاستنتاج الذي توصلت إليه اللجنة بأن مقذوف العبوة الكيماوية ألقي من الجو، مشيراً إلى تحقيق أجرته روسيا توصل إلى نتائج مخالفة لذلك. وقال إن وجود المسعفين في مكان الحادث من دون أقنعة واقية «يزيد من الشك في صحة وجود غاز السارين أثناء وجودهم»، في إشارة إلى مقاطع الفيديو التي نشرت على مواقع التواصل عقب الهجوم. وقالت السفيرة الأميركية نيكي هايلي إن روسيا تواصل «الدفع بلغة غير مقبولة» في مشروع قرارها «ستؤدي فقط إلى تعميق الخلاف والانقسام في مجلس الأمن». ودافعت هايلي عن مصداقية التقرير ومهنية فريق الخبراء الذي أعده، مشددة على ضرورة أن «يجدد مجلس الأمن بالإجماع عمل لجنة التحقيق» التي تنتهي ولايتها في 17 الشهر الحالي. وأيد مندوبا فرنسا وبريطانيا الطرح الأميركي، إذ شدد السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر على ضرورة اتخاذ مجلس الأمن موقفاً موحداً لتجديد ولاية لجنة التحقيق، مؤكداً أن تقريرها «يستدعي المسارعة إلى تحمل مجلس الأمن مسؤولياته لقطع الطريق على أي استخدام آخر للسلاح الكيماوي». وقال نائب السفير البريطاني جوناثان آلن إن روسيا «تحمي النظام السوري ولكن سيأتي يوم يحاسب فيه أمام القانون الدولي» معتبراً أن مشروع القرار الروسي «يهدف إلى تقويض عمل اللجنة وتسديد النار على حامل الرسالة لإنقاذ النظام السوري». وانضمت الصين إلى روسيا من خلال المشاركة في رعاية تقديم مشروع قرارها إلى مجلس الأمن، وأكد مندوبها تحفظ بلاده على عدم زيارة لجنة التحقيق خان شيخون. ودعا إلى إجراء المزيد من المشاورات للتوصل إلى «إجماع في مجلس الأمن» حول تجديد ولاية لجنة التحقيق. كما أبدى سفير مصر عمرو أبو العطا تحفظات على عدم قيام لجنة التحقيق بزيارة موقع الهجوم في خان شيخون، مرحباً في الوقت ذاته «بالجهود التي قامت بها ضمن إمكاناتها». وأكد إدانة مصر أي استخدام للأسلحة الكيماوية من جانب أي طرف. وكان رئيس لجنة التحقيق إدموند موليه تحدث في الجلسة ذاتها وأبلغ مجلس الأمن أن اللجنة درست «8 سيناريوات لهجوم خان شيخون، وتوصلت بعد تحليل معمق للأدلة إلى أن الحكومة السورية» مسؤولة عن تنفيذه. وقدم موليه إيجازاً عن التقرير إلى مجلس الأمن أكد فيه أن اللجنة «جمعت المعلومات من مصادر واسعة النطاق ومختلفة، وبينها معلومات قدمتها 12 جهة منها الحكومة السورية ذاتها، وقابلت أكثر من 30 شاهداً» وجمعت آلاف الصور ومقاطع الفيديو وأجرت تحليلاً علمياً لها. وقال إن اللجنة لم تزر موقع الهجوم في خان شيخون لاعتبارات أمنية إذ أنه يقع «تحت سيطرة جبهة النصرة المصنفة إرهابية». كما أشار الى أن اللجنة اعتمدت على صور الأقمار الصناعية التي التقطت قبل الحادث وبعده، وأن الكثير من الصور ومقاطع الفيديو يظهر أن الهجوم وقع نتيجة قصف جوي. وأصبح أمام مجلس الأمن مشروعي قرارين في شأن مستقبل لجنة التحقيق، أحدهما أميركي يشيد بتقرير اللجنة ويدعو إلى تجديد ولايتها من دون تغيير في صلاحياتها، والآخر روسي يدعو إلى إعادة إجراء التحقيق وتغيير تركيبة اللجنة وطريقة عملها. وعلى رغم أن موعد انتهاء ولاية اللجنة محدد في 17 الشهر الحالي إلا أن أي موعد لم يحدد لطرح أي من مشروعي القرارين على التصويت. وستعد اللجنة منتهية الصلاحية ما لم يجدد مجلس الأمن ولايتها قبل هذا التاريخ. إلى ذلك، أعلنت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، أن بروكسيل مستعدة لفرض عقوبات جديدة على سورية بسبب الهجمات الكيماوية. وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد لذلك بعد تقديم تقرير للآلية المشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في شأن التحقيق في هجمات خان شيخون. وقالت إن «الاتحاد الأوروبي يدرس تطبيق المزيد من العقوبات لمنع الإفلات من العقاب لجميع المتورطين في الهجمات الكيماوية». وأضافت موغيريني: «يجب تقديم كل المسؤولين عن هذه الهجمات إلى العدالة وتحميلهم مسؤولية ذلك»، وشددت على أن «أية منظمات أو أشخاص مذنبين بانتهاك القواعد الدولية، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية، يجب أن يعاقَبوا».