أكد اقتصاديون أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تشكيل لجنة عليا يترأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمحاربة الفساد، تجسد إرادة سياسية قوية وحازمة في مواجهة الفساد، إضافة إلى منح صدقية للاقتصاد السعودي، وخلق بيئة استثمارية جاذبة تمتلك مقومات الشفافية والمحاسبة والحوكمة. وقال أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب تركستاني، ل«الحياة» إن القرارات تعطي صدقية لاقتصاد المملكة، وقوة أمام المستثمرين المحليين، والأجانب، وأن الأخطاء إذا وجدت لا بد من تقويمها وتصحيحها، لأن هذا سيؤثر في مستقبل المملكة واقتصادها، وبخاصة أنها تسير في طريق واضح، ورؤية مستقبلية معلومة للجميع، ما يتطلب وجود شفافية وصدقية وحوكمة، وكلها أمور لا بد من توافرها لجذب المستثمر الأجنبي. وأضاف: «تشكل هذه القرارات انعكاسات إيجابية على المستثمر الأجنبي والمحلي لأنها تؤكد ألا أحد فوق القانون، وأن الاقتصاد السعودي مميز وقوي ومتين، وفيه فرص كثيرة، والمملكة لها مكانتها الدولية والعربية، وتتمتع بتاريخ كبير من الإنجازات والعطاءات والشراكات الاستراتيجية، كما أن لها خبرة عريقة في علاقاتها الدولية، وهذا يتطلب وجود إصلاحات تصحح المسار». وقال تركستاني: «التصحيح عنصر مهم من عناصر الإدارة الناجحة، أي لا بد من التقويم والتصحيح، وهذه خطوة جيدة لخلق بيئة استثمارية جاذبة، وليس بيئة استثمارية طاردة، كما أن الاستثمارات لن تأتي في بيئة جاذبة إلا بوجود مقومات، وأهمها الشفافية، والمحاسبة، والحوكمة، وهذه الأشياء بدأنا نشاهدها عن كثب في بيئة الاستثمار السعودية، ودليل ذلك القرارات، التي صدرت لتقويم الكثير من المسارات، وشكلت خطوة جبارة نحو تحقيق الرؤية السعودية». من جانبه، أكد رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة ل«الحياة»: أن «المملكة تمر بمرحلة مهمة، تؤكد عزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على اجتثاث الفساد، ومعاقبة المفسدين، الذين غلبوا المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام، بدون وجه حق، وبدون وازع ديني، أو ضمير». وأوضح سالم أن تشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيكون لها دور كبير في كشف أي اختلاسات، أو رشاوى، أو غسل أموال، وغيرها من الممارسات غير الأخلاقية، وسيرتدع كل من تسول له نفسه السير في تلك الممارسات المشينة. وأضاف أنه سيكون لها مردود إيجابي داخل المملكة وخارجها، وعلى سمعة المملكة في الخارج، كما أن اقتلاع بذور الفساد سيوفر للدولة مبالغ باهظة تستطيع من خلالها تخفيف العبء على موازنة الدولة، والصرف في حدود المعتمد، من دون إسراف، أو تبذير، وسيساعد الدولة في وضع موازنة معتدلة، وبالتالي تحقق وفور، بدلاً من أن يكون هناك عجز، نظراً إلى ضخامة المبالغ المهدرة في قضايا الفساد المالي. وأشاد عضو الجمعية السعودية والاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث بقرار خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، بمحاسبة المفسدين، ومكافحة الفساد، فهو خطوة إيجابية نحو ما تأمر به الشريعة الإسلامية، وتقضي بها المصلحة الوطنية، إذ يساعد هذا القرار في حماية الممتلكات الخاصة، والعامة، إضافة إلى الحفاظ على الأموال. وأضاف أن هذا القرار يعمل حراكاً اقتصادياً من خلال تعزيز الشفافية، إضافة إلى ما تتطلبه «رؤية 2030» من خلال إرساء الثقة بالاستثمار داخل المملكة، وتعزيز فرص النمو الاقتصادي، ولا سيما أن إبراز الكفاءات من الأفراد والشركات، بعيداً عن المحسوبية، يشجع على قوة الإنتاجية، وصدق المعلومة، وكشف جوانب التقصير. وقال: «إن الإرادة السياسية القوية، والحزم في مواجهة الفساد واجبان شرعيان، وهما من أعظم ما يثبت دعائم كيان أية دولة، ومنع استغلال مواردها من ضعاف النفوس، الذين قلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، وآثروا على اقتصاد البلد». مبيناً أن «القرار سيكون له أثر إيجابي على أبناء المملكة بإعادة الأموال، التي تقدر بمئات البلايين من الريالات للاستفادة منها في مشاريع التنمية، بل يساعد في وجود بيئة ناجحة تساعد في الاستثمارات وخلق فرص واثقة من أنظمة وتشريعات الدولة، واستطعنا القول إننا انتقلنا من مرحلة مكافحة الفساد إلى مرحلة القضاء على الفساد». وأشار إلى أن ما حدث في سيولجدة فساد أضر بالاقتصاد، وتكبدت البنية التحتية خسائر بمئات البلايين، وأصبحت كارثة لم يسبق لها مثيل من الإهمال والفساد، إذ استغل بعض المسؤولين ورجال الأعمال الأراضي والطرق وصرف السيول، وقاموا بالبناء عليها، وهذا هو الفساد الذي أضر بالاقتصاد، وجعل الثقة معدومة بين المسؤول والمواطن. وأضاف: «لا ينمو الاقتصاد إلا بوجود مرجعية تحاكم المفسدين والخارجين عن القانون، والتنمية المستدامة لا تتحقق إلا بوجود شفافية وأنظمة وتشريعات تسهل على المستثمر، وتمنع الفساد».