أثارت غضباً داخل النوبة وفاة الناشط ورجل الأعمال النوبي جمال سرور، إثر أزمة صحية، خلال احتجازه داخل قسم شرطة أسوان (جنوب مصر) على ذمة اتهامات بتنظيم تظاهرة من دون تصريح وقطع الطريق. وأُوقف سرور وآخرون خلال تنظيمهم مسيرة بالدفوف قبل شهور، في وقت يجهز فيه محامو الموقوفين عدداً من مقاطع الفيديو للمسيرة لإرفاقها بملف القضية، بما ينفي تسببها في قطع الطريق أو تعطيل المصالح العامة. ودُفن سرور في القاهرة أمس، وسط توافد لأهالي النوبة المقيمين في العاصمة، فيما ينتظر تنظيم فاعليات في أسوان لتأبينه. وعُدّ سرور أحد أشهر النشطاء النوبيين في «ملف العودة»، إضافة إلى رعايته الجانب التنموي، إذ أطلق رجل الأعمال المستقر وأسرته في فرنسا، مشاريع تنموية في المحافظة، وطوّر عدداً من مراكز الشباب فيها، ما رفع شعبيته وسط أهالي النوبة. وأُوقف سرور خلال زيارته الأخيرة إلى أسوان في أيلول (سبتمبر) الماضي مع 23 آخرين، إثر تنظيم مسيرة بالدفوف على كورنيش أسوان بالتزامن مع عيد الأضحى ترفع مطالب بعودة النوبيين إلى أراضيهم التي هُجّروا منها مطلع ستينات القرن الماضي، لبناء السد العالي، علماً أن مطلب العودة يمثل ركيزة أساسية لدى أهالي النوبة يطرحونه من وقت إلى آخر على المسؤولين متى سنحت الفرصة. وكان عدد من نشطاء النوبة نظّموا مسيرة مشابهة في شباط (فبراير) الماضي تحت اسم «قافلة العودة»، لكن قوات الأمن فرّقت المسيرة من دون توقيف أحد، لذا كان «تعامل أجهزة الأمن مع مسيرة الدفوف مفاجئاً وصادماً لأهالي النوبة، وما زاد في غضبهم وصدمتهم وفاة سرور داخل القسم»، وفق الناشط والصحافي النوبي عزيز عثمان الذي أكد أيضاً أن «ذلك التعامل لن يثنيهم عن تجديد مطالبهم بالعودة». وأضاف عثمان ل «الحياة» أن «حالاً من الحزن تسيطر على الأهالي عقب الخبر، فيما تنتابهم مخاوف على بقية المحتجزين، خصوصاً أن آخرين منهم يعانون من أمراض صحية»، مشيراً إلى أن سرور شكا من مرض السكري وطالب المحامون بإطلاقه لحالته الصحية. ولفت عثمان إلى أن محامي سرور سيتقدم ببلاغ إلى النائب العام يتهم فيه إدارة قسم شرطة أسوان الذي احتُجز فيه سرور، بالتسبب في موته عن طريق الإهمال. وقال: «المعلومات لدينا أنه أصيب بغيبوبة سكري لساعتين من دون أن تستدعي إدارة السجن الإسعاف لنقله إلى المستشفى، وعند نقله إليه كان بالفعل قد لفظ أنفاسه الأخيرة». وأوضح عثمان أن «مسيرة الدفوف طقس احتفالي يغلب عليها الطابع الترفيهي في مناسبة العيد، حيث يسير المشاركون وبينهم نساء وأطفال بالدفوف مرددين أغان نوبية معروفة، ورافعين لافتات تذكر الحكومة بوعود العودة، وحقهم الذي ينص عليه الدستور، لنفاجأ بترصد أمني والقبض على 24 شخصاً، والبحث عن 8 آخرين على ذمة القضية ذاتها، بينهم سيدتان، كما أوقفت الشرطة شاباً ذهب للسؤال عن المحتجزين». وانتقد عثمان أداء البرلمانيين الذين يمثلون النوبيين داخل المجلس، مشيراً إلى أن كل ما يتلقونه «وعود وتسويف»، فيما لم يتبن المجلس بجدية مشروع قانون يفسر المادة 236 في الدستور التي تنص على إعادة النوبيين إلى أراضيهم، والتي تنص على أن الدولة «تعمل على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات». والتقى رئيس البرلمان المصري علي عبدالعال، وفداً نوبياً في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، قدّم فيه الوفد مطالب إلى البرلمان الذي وعد بترجمتها إلى تشريعات.