أصدرت الهيئة القضائية في محكمة تحقيق محافظة المثنى (جنوب بغداد) قراراً بالافراج عن وزير التجارة المستقيل عبدالفلاح السوداني بكفالة مالية قدرها 50 مليون دينار (43 ألف دولار) مع التوصية بمنعه من السفر حتى محاكمته مجدداً، ما أثار حفيظة لجنة النزاهة في البرلمان العراقي. جاء ذلك في حين حذرت الحكومة العراقية من خطورة التساهل مع حملة الاتهامات ضد المسؤولين من دون الاستناد إلى دليل. الى ذلك، أعلن رئيس البرلمان اياد السامرائي أن الشهر الجاري سيشهد اقرار قانون الاستفتاء على الاتفاق الأمني بين العراق والولاياتالمتحدة والمقرر اجراؤه نهاية تموز (يونيو) المقبل. وقال قاضي محكمة النزاهة في المثنى عبدالأمير الشمري «إن ثلاثة من أصل خمسة قضاة وافقوا على اخلاء سبيل الوزير بعد إكمال ملف التحقيق معه، في مقابل كفالة مالية ضامنة قيمتها 50 مليون دينار، والتوصية بمنعه من السفر حتى إحالته على محكمة الجنايات في المثنى». وأضاف الشمري في تصريحات لوكالة «أخبار العراق» المحلية أن «محاكمة السوداني ستتم لدى وصول الموافقة الخطية من أمانة مجلس الوزراء لتتم احالته الى رئاسة محكمة الجنايات للنظر في التهم المنسوبة إليه، على رغم تقديم السوداني استقالته وموافقة رئيس الوزراء عليها في 25 أيار (مايو) الماضي»، مشيراً الى أحقية «الوزير بنقل ملف الدعوى الى محل سكنه في بغداد، قانونياً». وعن مصير ثلاثة معتقلين على ذمة القضية ذاتها وهم شقيق الوزير ومدير عام في وزارته ومدير اعلامه، أكد القاضي استمرار احتجازهم حالياً في سجن السماوة المركزي وعدم إطلاقهم حتى الآن. من جهتها، أبدت لجنة النزاهة البرلمانية خشية من محاول تهريب السوداني. وقال عضو اللجنة محمد تميم ل «الحياة» إن «القضاء رأى امكان اطلاق السوداني على ذمة التحقيق وهو أمر متروك له وحده لا نتدخل فيه. إلا أن المخاوف من تهريبه قائمة ولا يمكن تجاهلها». وشدد تميم على ضرورة اتخاذ اجراءات احترازية لمنع هروب الوزير المستقيل كتوزيع بياناته على النقاط الحدودية والمطارات وسحب جواز سفره أيضاً». وأضاف: «نعتقد الآن بأن الهدف من محاسبة فلاح السوداني قد تحقق بعدما تأكد العراقيون أن هذا الشخص مع مجموعة من المفسدين كانت وراء تجويعهم منذ عام 2006». من جهته، أكد رئيس لجنة النزاهة صباح الساعدي وجود مساع تبذلها أطراف لنقل وزير التجارة السابق عبدالفلاح السوداني من سجنه في السماوة إلى بغداد. وقال الساعدي إن «الغرض من نقل السوداني إلى بغداد هو تهيئة الأجواء لتسوية الموضوع وبقدر الإمكان إخفاء الحقيقة عن المواطن العراقي واطلاقه». يذكر أن وزير التجارة عبدالفلاح السوداني استجوب في البرلمان على خلفية قضايا فساد اداري في وزارته. كما اعتقل شقيقاه ومستشاره الاعلامي قبل اعتقاله هو في مطار بغداد بعد اعادة الطائرة التي كانت تقله من العراق الى الامارات. وكانت الحكومة العراقية أصدرت بياناً أمس حضت فيه «الرئاسات الثلاث» في العراق (الوزراء والجمهورية والبرلمان) على «ضرورة إدراك خطورة التداعيات التي تخلفها حملات التساهل في الاتهامات من دون دليل وبعيداً عن المعالجات القانونية والدستورية وبالتعاون بين السلطات قبل التشهير الذي يستهدف أعضاء الحكومة والمسؤولين في مؤسسات الدولة المختلفة من دون سند قانوني». وشدد البيان على «ضرورة تحري الدقة والموضوعية والمسؤولية تجاه تعزيز وإدامة العملية السياسية وحماية المنجزات وإدامتها ليتفهم الدور الإيجابي الذي يجب أن يقوم به مجلس النواب كسلطة تشريعية والقضاء كسلطة قضائية لتكون السلطات متعاونة وداعمة للسلطة التنفيذية استناداً الى الدستور العراقي». من جهة أخرى، أعلن رئيس البرلمان اياد السامرائي أن الشهر الجاري «سيشهد اقرار قانون الاستفتاء على الاتفاق الامني بين بغداد وواشنطن كاستحقاق وطني»، مشيراً الى أن «اللجنة القانونية في البرلمان قدمت مسودة مشروع في شأن اجراء الاستفتاء على الاتفاق مع الولاياتالمتحدة. إلا أن المشروع لم يراع اعتبارات قانونية ودستورية». وقال إن «اللجنة القانونية تراجع حالياً مع عدد من المستشارين المشروع لبيان تفاصيله والنسبة التي يجب أن تشارك في الاستفتاء على الاتفاق». وأكد أن تشريع القانون سيتم خلال الشهر الجاري وسيجرى الاستفتاء في موعده المحدد. وأوضح عضو اللجنة القانونية في البرلمان عن «التحالف الكردستاني» محسن السعدون أن مشروع قانون الاستفتاء على الاتفاق الامني اكتمل تقريباً، لكنه غير مدرج على جدول الأعمال بعد. وتوقع في اتصال مع «الحياة» طرحه للتصويت خلال الاسبوع المقبل. وأضاف السعدون أن «تشريع القانون خلال الشهر الجاري أمر مفروغ منه لأن البرلمان صوت على اجراء الاستفتاء مع تصويته على قبول الاتفاق الامني»، لافتاً الى أن الاستفتاء على الاتفاق لا يمنع الحكومة من طلب تعديله مستقبلاً اذا اقتضت الضرورة. ويمنح الاتفاق الأساس القانوني للقوات التي تقودها الولاياتالمتحدة للعمل في العراق بعد انتهاء وصاية الاممالمتحدة في نهاية العام الماضي. كما تنسحب بموجبه القوات الأميركية الى قواعدها خارج المدن العراقية في نهاية حزيران (يونيو) عام 2009 وكلياً من العراق في غضون نهاية عام 2011.