أصبحت صفقة دمج بورصتي فرانكفورت ونيويورك منذ مطلع تموز (يوليو) الماضي حقيقة نظرية تنقصها موافقة الاتحاد الأوروبي كي تصبح واقعية على الأرض. وإذا وافق المسؤولون في بروكسيل على عملية الدمج فستنشأ أكبر بورصة في العالم تقدر قيمتها ب17 بليون يورو وتشغّل أكثر من 6000 موظف مع دخل سنوي يبلغ أربعة بلايين يورو. وسيسمح الدمج بخفض النفقات نحو 400 مليون يورو سنوياً، وبزيادة الدخل 150 مليون يورو في السنة، كما يرفع مردود المساهمين في البورصة الجديدة المدمجة بنسبة 30 في المئة عما يتلقونه حتى الآن. وتملك بورصة فرانكفورت 60 في المئة من أسهم البورصة العملاقة فيما تملك بورصة نيويورك ال40 في المئة المتبقية. وكلّفت عملية الدمج البورصة الألمانية عشرة بلايين دولار (سبع بلايين يورو تقريباً). وأفادت النشرة الاقتصادية الدورية الأخيرة الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة الألمانية - العربية بأن 80 في المئة من المساهمين في بورصة فرانكفورت حوّلوا أسهمهم السابقة إلى أسهم جديدة في مقابل 65,7 في المئة من المساهمين في بورصة نيويورك. واتفق الطرفان على أن تكون هولندا المقر الرئيس للبورصة الدولية العملاقة وأسسا لذلك الشركة الجامعة «ألفا بيتا نذرلندز هولدينغ»، لكنهما لم يتفقا بعد على الاسم الجديد للبورصة العملاقة التي ستعمل من المركزين الرئيسين السابقين في نيويورك وفرانكفورت. وعلى رغم أن رئيس بورصة فرانكفورت ريتو فرانكيوني أكد أخيراً مراراً أن موقع فرانكفورت المالي لن يتراجع بعد الدمج، يعتقد مراقبون أن نيويورك ستلعب الدور الأساس على حساب فرانكفورت على رغم امتلاك الأخيرة 60 في المئة من أسهم البورصة الجديدة. ويقول هؤلاء إن اسم «وول ستريت» هو ببساطة أكثر جاذبية ووقعاً على الأذن. لذا، يخشى مجلس نقابة العاملين في بورصة فرانكفورت من تسريح مجموعة من العاملين فيها. ومنذ انتهاء عملية الدمج تنتظر البورصة الدولية الجديدة موافقة الاتحاد الأوروبي وهيئة الرقابة المالية في ولاية هسّن على بدء عملها بعد أن يتأكد الجانبان من عدم وجود انعكاسات سلبية على حرية المنافسة. وأنهت المفوضية الأوروبية مطلع آب (أغسطس) الماضي جولة أولى من الفحص والتدقيق، وأعلنت على الأثر أنها ستُجري فحصاً ثانياً أدق بسبب وجود تساؤلات لديها حول مجموعة من نشاطات البورصة الجديدة، خصوصاً في مجال التعاملات المالية من دون رصيد. ولا تزال أمام المفوضية الأوروبية فترة تمتد حتى 13 كانون الأول (ديسمبر) المقبل لإعطاء حكمها بعد أن تستمع إلى حجج مؤيدي الدمج وانتقادات معارضيه من المنافسين والمساهمين السابقين. وإذا جاء الحكم إيجاباً فستبدأ البورصة الدولية عملها مطلع عام 2012. ويعتقد البعض أن المفوضية الأوروبية ستضع في حال موافقتها، شروطاً وحدوداً تخفف من قوة الموقع الذي ستنطلق منه البورصة العملاقة الجديدة في عدد من الحقول المالية.