في سلوك غير معهود وعلى نحو أثار حنق قادة اليمين المتطرف، سعت إسرائيل إلى التوضيح الرسمي العلني بأنها لم تقصد اغتيال ناشطين قياديين فلسطينيين بتفجيرها النفق في جنوب قطاع غزة أول من أمس، وأعلنت على لسان وزير دفاعها أفيغدور ليبرمان والمتحدث بلسان الجيش، أنها ليست معنية بالتصعيد، وذلك في موازاة رسائل مماثلة نقلتها إلى مصر التي بذلت جهوداً لتهدئة الأوضاع، ووسط الإبقاء على حال التأهب في بلدات جنوب إسرائيل المحاذية للقطاع. وترأس رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي أيزنكوت، جلسة خاصة لكبار الضباط في «المنطقة الجنوبية» في الجيش «لتقويم الوضع»، مشيداً بعملية تدمير النفق، واعتبارها «إنجازاً عملياتياً رائعاً». وأضاف أن هذه العملية «تنضم إلى عمليات أخرى، علنية وسرية يقوم بها الجيش وسيواصلها لمواجهة أي تهديد، في كل وقت وكل وضع». وأردف أن الجيش «يتابع في شكل مكثف ما يدور داخل الجهات الإرهابية في قطاع غزة... وسنردّ في شكل صارم وصريح على أي مساس بالسيادة الإسرائيلية، على غرار ما قمنا به أمس». وكان وزير الدفاع افيغدور ليبرمان أعلن فور نبأ تفجير النفق، أن إسرائيل «غير معنية بالتصعيد»، وأن الجيش الإسرائيلي نفذ عملية تفجير «لنفق يخترق أراضينا من قطاع غزة». وعزا «التفجير الدقيق» إلى اختراق تكنولوجي بالغ الأهمية للصناعات العسكرية الإسرائيلية. وزاد أنه رغم المصالحة بين السلطة الفلسطينية و «حماس»، إلا أن قطاع غزة مازال «مملكة إرهاب». وشدد المتحدث بلسان الجيش رونن منليس، من جهته، على أن قتل ناشطين قياديين (في الجهاد الإسلامي) لم يكن مخططاً مسبقاً، «إنما نتيجة مرافِقة للعملية وغير متوقعة». وأضاف أن وجهة إسرائيل ليست نحو التصعيد، وأن تدمير النفق في الوقت الحالي «تم لاعتبارات عملياتية، رغم أنه لم يشكل خطراً فورياً على أمن إسرائيليين قرب السياج، لكن مجرد حفره يشكل انتهاكاً سافراً للسيادة الإسرائيلية، ولا توجد لدينا النية لإتاحة ذلك». وشدد على أن إسرائيل تعتبر أن «حماس» مسؤولة عما يحصل داخل القطاع وتفترض أن قادتها كانوا على علم بحفر النفق. وهاج قادة اليمين المتطرف على بيان الجيش واعتبروه اعتذاراً إسرائيلياً مرفوضاً و «موقفاً انهزامياً». وكتب زعيم حزب المستوطنين الوزير نفتالي بينيت، أنه «ممنوع أن نعتذر على نجاحنا في تصفية مخربين، يجب توضيح أننا نتحدث عن مخربين انشغلوا في حفر أنفاق تفجيرية داخل أراضي إسرائيل الهدف منها قتل نساء وأطفال إسرائيليين». وردت أوساط أمنية على هذا الانتقاد للجيش بأنه «مصطنع»، مشيرةً إلى أن الجيش لم يعتذر عن العملية ولم يعرب عن أسفه عن مقتل أي من الفلسطينيين، «وكل ما أوضحه هو أن العملية استهدفت النفَق، ولم تكن عملية تصفية جسدية لمسلحين». وأبدت الأوساط خشيتها من أن يحض «التباهي الإسرائيلي الاحتفالي» بدقة العملية، الفلسطينيين على «تصفية الحساب» وإشعال حريق جديد على الحدود مع غزة، «وهو ما لا تريده الحكومة، وفق تصريحات رسمية لكبار مسؤوليها»، كما كتب المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل، مضيفاً أن «إسرائيل ليست معنية حقاً في التصعيد لأنها تحتاج إلى عام آخر على الأقل كي تكمل بناء الجدار العائق المفترض أن يمنع حفر أنفاق إضافية في المستقبل ويتيح من خلال مجسّات إلكترونية تشخيص أنفاق قائمة أو قيد الإنشاء». وعلى رغم أن الحياة في البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع سارت كالمعتاد أمس، إلا أن الجيش أعلن التأهب بدرجة عالية، وتم نشر بطاريات القبة الحديد لاعتراض قذائف صاروخية قصيرة المدى، في عدد من المواقع. إلى ذلك، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ب «مهاجمة الذين يسعون إلى مهاجمة إسرائيل» وحذر خلال مراسم تذكارية لمناسبة مرور مئة عام على معركة بئر السبع في الحرب العالمية الأولى من «اختبار إرادة دولة إسرائيل». وقال: «نهاجم من يسعون إلى شن هجوم».