آخر الصراعات «الإعلامية» المصرية كانت بين «المجلس الأعلى للصحافة» التابع لمجلس الشورى برئاسة صفوت الشريف من جهة، وصحافيي مؤسستي «الأهرام» و«أخبار اليوم» من جهة أخرى، بعد قرار المجلس ضم جريدة «المسائية» التابعة ل«دار التعاون» إلى مؤسسة «أخبار اليوم»، ونقل إصداري جريدة «التعاون» الأسبوعية و«المجلة الزراعية» الشهرية إلى مؤسسة «الأهرام» مع دمج المؤسستين في الشركة القومية للطبع والتوزيع، بينما ستستمر جريدة «الرأي» التابعة لمؤسسة الشعب في الصدور بالإدارة والتحرير ذاتهما إلى حين ضمها إلى إحدى الصحف القومية. وفيما أكدت هيئة مكتب «مجلس الشورى»، مالك الصحف القومية، احتفاظ جميع العاملين بأوضاعهم القانونية وهياكلهم وحقوقهم المالية والتأمينية، أثار القرار حفيظة غالبية إداريي وصحافيي «أخبار اليوم» و«الأهرام» الذين رفضوا تحميل مؤسستهما المثقلتين بالديون أعباء أخرى، ما سيؤثر سلباً علي تدرجهم الوظيفي وحقوقهم المادية خصوصاً الأرباح السنوية. ونظم عشرات الصحافيين والعمال من صحافيي المؤسستين وقفة احتجاجية أمام مقر مؤسسة «أخبار اليوم» منذرين بإجراءات تصاعدية إذا لم يتم التراجع عن القرار، فضلاً عن احتجاج صحافيي جريدة «الرأي» أمام مجلس الشورى على التحويل إلى إصدار يتبع محافظة القاهرة، مع عدم الدمج مع مؤسسة كبرى. لكن الشريف أعلنها صراحة: «قرار الدمج لا رجعة عنه»، بينما «سيحسم الموقف النهائي لجريدة الرأي قبل منتصف الشهر الجاري». وجرى تصعيد الاحتجاج إلى أعلى سلطة في مصر، إذ أرسل صحافيو «الأهرام» بياناً إلى الرئيس حسني مبارك يناشدونه التدخل لحل الأزمة. وأشار الشريف الى أن «هذه الإصدارات انتقلت من دون أي مديونيات أو أعباء، فضلاً عن أن صحافييها أكفاء، لكن يوجد ضعف تسويق وتوزيع، ومسؤولية الإدارة هي تحويلها إلى إصدارات ناجحة تحقق عائداً أو تمثل إضافة لتحقيق مزيد من التوازن المهني والمالي». وأكد انه «لن يكون هناك مساس بمحرري «الأخبار» و«الأهرام» أو مزاحمتهم في أماكنهم أو التأثير على تعيين من هم تحت التمرين». وأوضح الشريف أن «مجلس الشورى» استخدم صلاحياته في إطار قانون سلطة الصحافة، باعتباره مالكاً للصحف القومية التي ينظر إليها المجلس كوحدة واحدة، إذ أن «القرار في مجمله يتفادى القرار الأصعب، وهو خصخصة المؤسسات الصحافية كاحتمال بديل ترفضه الدولة مالياً». واتهم الشريف المهددين بعرقلة القرار ب«الأنانية والسلوك غير الحضاري». وبحسب الصحافي والباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان، فإن «القرار ما هو إلا امتداد للسياسات العشوائية التي تدير كل المؤسسات الصحافية، لأنه اتخذ في شكل فردي وعلى غير رغبة الصحافيين، وكأن «مجلس الشورى» هو مالك المؤسسات الصحافية وليس جهة تديرها فقط لأنها ملك الدولة والشعب. ونحن سنواجه القرار مثلما حدث في قانون 93 الذي واجهه الصحافيون بقوة حتى تم إسقاطه». وأوضح رشوان أن الاعتراض على القرار «ليس نابعاً من نظرة تعال من صحافيي «الأهرام» و«الأخبار» أو رفضهم لزملائهم من الصحف المدمجة، بل هو اعتراض على قرارات المجلس الأعلى للصحافة الفردية التي تخطت الجمعية العمومية ومجلس الإدارة المنتخبين في المؤسستين». وقال صحافي في «الأخبار» رفض ذكر اسمه: «ما أن بدأت المسائل المادية والمهنية تستقر في «الأخبار» و«الأهرام» إلى حد ما حتى جاء قرار ضم المؤسسات. كان يمكن إنقاذ المؤسسات الخاسرة سواء ببيعها أو استغلال أصولها. كيف تضم مؤسسة ثالثة تخسر ملايين الجنيهات شهرياً مع مؤسستين تصارعان الديون وتراجع التوزيع». من جهة أخرى، رحّب إداريو وصحافيو الصحف المدمجة بالقرار لأنه طوق النجاة بالنسبة إليهم من شبح الديون، بينما ينتظر صحافيو جريدة «الرأي» القرار النهائي الخاص بهم منتصف الشهر الجاري متطلعين إلى الدمج مع مؤسسة صحافية كبيرة. يذكر أن عملية الدمج كانت مطروحة منذ فترة ورحّبت بها نقابة الصحافيين المصريين متمثلة في نقيبها مكرم محمد أحمد، بشرط الرجوع إليها قبل اتخاذ القرار النهائي لتحديد شروط نجاح الدمج وحماية حقوق الصحافيين العاملين لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن وهمّش دور النقابة.