أعلن الناطق باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية عبد الزهرة الهنداوي، أن المخاوف من تأثيرات سلبية كبيرة قد تطاول الاقتصاد العراقي بسبب الأزمة المالية التي تعرض لها، نتيجة انخفاض العائدات المالية الناجم من تراجع أسعار النفط، ما دفع بالمسؤولين إلى البحث عن حلول تساهم في التحول من حال الدفاع ومحاولة الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، إلى حال التخطيط المتوسط أو القريب المدى. وفي مقابلة مع «الحياة»، أكد الهنداوي أن «من نتائج ذلك الشروع في اتخاذ عدد من المعالجات تتعلق بتحسين واقع التنمية، منها إعادة النظر بالمشاريع الاستثمارية وإيجاد موارد مالية غير نفطية وغيرها من الإجراءات التي دفعت عدداً من المنظمات الدولية والدول الصديقة إلى تأكيد استعدادها لتقديم الدعم للعراق من خلال القروض الميسرة». وأضاف: «على رغم يسر هذه القروض وتواضع أرقامها، إلا أنها تشكل في نهاية المطاف عبئاً على الاقتصاد، وبالتالي تحتاج إلى إدارة جيدة لتحقيق الجدوى الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة، لا سيما بعد النجاح الاقتصادي الكبير الذي تحقق في 2 آب (أغسطس) الماضي والمتمثل في دخول العراق إلى أسواق المال العالمية بعد إصدار السند السيادي الخارجي الدولي الثاني باسم الفرات، ومدته تزيد على 5 سنوات». وكشف الهنداوي أن «أكثر من 350 شركة من شركات الاستثمار العالمية تنافست لشراء السند العراقي، وتمثل هذه الشركات رقماً مالياً عالمياً يصل إلى 12 بليون دولار، فيما وصل حجم طلبات الشراء إلى نحو 6 بلايين دولار لسند الفرات المضمون من قبل الحكومة العراقية، وليس من قبل أي جهة دولية أخرى كما هي الحال في السند الأول، دجلة، الذي ضمنته الحكومة الأميركية». واعتبر أن «إقبالاً استثمارياً واسعاً من قبل شركات عالمية مرموقة لشراء السندات العراقية، يعني أن منفذاً تمويلياً مهماً سيحظى به العراق يساهم في تمويل العجز المزمن الذي تعاني منه الموازنة، فضلاً عن تحريك عجلة النشاط الاقتصادي، وسيطمئن رجال الأعمال والمستثمرين ويشجعهم على الدخول بقوة إلى العراق والمشاركة في عملية إعادة إعمار المناطق المحررة». وأضاف الهنداوي: «المهم أن تكون إدارة هذا الملف بمستوى أهميته، لأن ما تحقق لم يكن سهلاً على الإطلاق، إنما هو نتاج جهود كبيرة ومضنية بذلها أعضاء الفريق الوطني العراقي كونهم خبراء مرموقين تشهد لهم الساحات الاقتصادية على المستويين الوطني والدولي، ويجب الحفاظ على هذا الإنجاز وتوجيهه بما يخدم التنمية». وكان المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أكد وجود اتجاهين في الإعمار، لكن إعادة الاستقرار والإعمار يحتاجان إلى جهد دولي يساند العراق. وقال: «نجد في مؤتمر المانحين المرتقب في الكويت انطلاقة للتعاون دبلوماسياً في مجال الإعمار والبناء، كما أن أهم المشاريع التي يركز عليها العراق في خطته المقبلة هي البنية التحتية، مثل شبكات المياه والمدارس والطرق والجسور وكل المشاريع التي تفيد الاستقرار بهدف عودة النازحين». وأكد أن «المحور الثاني هو المحور الصناعي، ويجب تعزيزه بمشاركة الدول الصناعية، خصوصاً أن العراق كان دولة مركزية تتمتع بفضاء صناعي حكومي كبير أو ما يسمى بالشركات الممولة ذاتياً، صناعية وخدمية، مثل النقل، ولكنها عطلت بسبب تغير توجهات الدولة، ما جعل تلك الصناعة نقطة ضائعة وهي تضم قوى عاملة تزيد على نصف مليون شخص». وقال: «لذلك، فإن التوجه اليوم هو لإيجاد ما يسمى بالشراكة الاقتصادية بين القطاعين الخاص والعام، إذ أن تلك المصانع والمعامل تتمتع بقوة عاملة وأرض وسوق محلية، لذلك، فإن الرغبة موجودة في دخول الدولة والقطاع الخاص في شراكة لإعادة تأهيل هذه المصانع والعمل فيها، إضافة إلى أن دخول هذه الدول على خط الصناعة في العراق يعد أفضل بوابة لتشغيل الاقتصاد. فالحكومة لديها توجه لإدخال القطاع الخاص الدولي في شركاتها أو خبراتها التكنولوجية والإدارية». وكان خبراء أشاروا إلى أن المشكلة في العراق تتلخص في أن الأولويات للمشاريع غير محددة حتى الآن، سواء في الخدمات والبنية التحتية المهدمة أو في التنمية والمشاريع الصناعية وغير الصناعية، على رغم أن العراق يجب أن يكون جاهزاً للعمل الآن، ويجب أن يكون لدينا مجلس إعمار لكل محافظة يعمل في كل الاتجاهات، وتحديداً في إصلاح الأضرار والبنية التحتية، وتطوير الأعمال التنموية التي تخدم الاقتصاد. وكانت صحيفة «المونيتور» الأميركية نشرت في آب الماضي تقريراً قدرت فيه كلفة إعادة إعمار المدن والمناطق العراقية المحررة بنحو 100 بليون دولار. ونقلت عن خبراء في البنك الدولي، قولهم إن برامج إعادة الإعمار في العراق ستكون سوق عمل مربحة ومغرية لشركات المقاولات الكبرى في العالم. وأكد «البنك الدولي للإنشاء والتعمير» أنه سيشارك في شكل واسع في تنفيذ برنامج إعادة إعمار المدن التي دمرتها الحرب، إذ بدأ العراق مفاوضات مع البنك لإطلاق البرنامج، وتم تحديد 151 مشروعاً كبيراً سيتم البدء بها، مع إعطاء أولوية لمشاريع الطرق والبنية التحتية لمرافق الدولة، والتي تعرّضت لدمار شبه كامل.